وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه
يقول تعالى ذكره:ما كان ينبغي للنبي محمد صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا به أن يستغفروا , يقول:أن يدعوا بالمغفرة للمشركين , ولو كان المشركون الذين يستغفرون لهم أولي قربى , ذوي قرابة لهم .{ من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم} يقول:من بعد ما ماتوا على شركهم بالله وعبادة الأوثان تبين لهم أنهم من أهل النار ; لأن الله قد قضى أن لا يغفر لمشرك فلا ينبغي لهم أن يسألوا ربهم أن يفعل ما قد علموا أنه لا يفعله. فإن قالوا:فإن إبراهيم قد استغفر لأبيه وهو مشرك , فلم يكن استغفار إبراهيم لأبيه إلا لموعدة وعدها إياه{ فلما تبين له} وعلم أنه لله عدو خلاه وترك الاستغفار له , وآثر الله وأمره عليه , فتبرأ منه حين تبين له أمره . واختلف أهل التأويل في السبب الذي نزلت هذه الآية فيه , فقال بعضهم:نزلت في شأن أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يستغفر له بعد موته , فنهاه الله عن ذلك. ذكر من قال ذلك:13466 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال:ثنا محمد بن ثور , عن معمر , قال:لما حضرت أبا طالب الوفاة دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية , فقال:"يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله ! "فقال له أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية:يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لأستغفرن لك ما لم أنه عنك ! "فنزلت{ ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} , ونزلت:{ إنك لا تهدي من أحببت} . 28 56 13467 - حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب , قال:ثنا عمي عبد الله بن وهب , قال:ثني يونس , عن الزهري , قال:أخبرني سعيد بن المسيب , عن أبيه , قال:لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم , فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله ! "قال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية:يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويعيد له تلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم هو على ملة عبد المطلب , وأبى أن يقول:لا إله إلا الله , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك ! "فأنزل الله:{ ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} وأنزل الله في أبي طالب , فقال لرسول الله:{ إنك لا تهدي من أحببت} 28 56 الآية . 13468 - حدثني محمد بن عمرو , قال:ثنا أبو عاصم , قال:ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد:{ ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} قال:يقول المؤمنون ألا نستغفر لآبائنا وقد استغفر إبراهيم لأبيه كافرا , فأنزل الله:{ وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه} الآية . 13469 - حدثني المثنى , قال:ثنا أبو حذيفة , قال:ثنا شبل , عن عمرو بن دينار:أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك , فلا أزال أستغفر لأبي طالب حتى ينهاني عنه ربي "فقال أصحابه:لنستغفرن لآبائنا كما استغفر النبي صلى الله عليه وسلم لعمه ! فأنزل الله:{ ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} إلى قوله:{ تبرأ منه} . 13470 - حدثنا ابن وكيع , قال:ثنا يزيد بن هارون , عن سفيان بن عيينة , عن الزهري , عن سعيد بن المسيب قال:لما حضر أبا طالب الوفاة أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم , وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل بن هشام , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أي عم إنك أعظم الناس علي حقا وأحسنهم عندي يدا , ولأنت أعظم علي حقا من والدي , فقل كلمة تجب لي بها الشفاعة يوم القيامة , قل لا إله إلا الله ! "ثم ذكر نحو حديث ابن عبد الأعلى , عن محمد بن ثور . وقال آخرون:بل نزلت في سبب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم , وذلك أنه أراد أن يستغفر لها فمنع من ذلك . ذكر من قال ذلك:13471 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال:ثنا أبو أحمد , قال:ثنا فضيل , عن عطية قال:لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وقف على قبر أمه حتى سخنت عليه الشمس , رجاء أن يؤذن له فيستغفر لها , حتى نزلت:{ ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى} إلى قوله:{ تبرأ منه}. 13472 - قال:ثنا أبو أحمد , قال:ثنا قيس , عن علقمة بن مرثد , عن سليمان بن بريدة , عن أبيه:أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى رسما - قال:وأكثر ظني أنه قال قبرا - فجلس إليه , فجعل يخاطب , ثم قام مستعبرا , فقلت:يا رسول الله , إنا رأينا ما صنعت ! قال:"إني استأذنت ربي في زيارة قبر أمي فأذن لي , واستأذنته في الاستغفار لها فلم يأذن لي "فما رئي باكيا أكثر من يومئذ . 13473 - حدثني محمد بن سعد , قال:ثني أبي , قال:ثني عمي , قال:ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس , قوله:{ ما كان للنبي والذين آمنوا} إلى:{ أنهم أصحاب الجحيم} أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يستغفر لأمه , فنهاه عن ذلك , فقال:"وإن إبراهيم خليل الله قد استغفر لأبيه "فأنزل الله:{ وما كان استغفار إبراهيم} إلى:{ لأواه حليم} . وقال آخرون:بل نزلت من أجل أن قوما من أهل الإيمان كانوا يستغفرون لموتاهم من المشركين , فنهوا عن ذلك . ذكر من قال ذلك:13474 - حدثني المثنى , قال:ثني عبد الله بن صالح , قال:ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس , قوله:{ ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} الآية , فكانوا يستغفرون لهم حتى نزلت هذه الآية , فلما نزلت أمسكوا عن الاستغفار لأمواتهم , ولم ينهوا أن يستغفروا للأحياء حتى يموتوا. ثم أنزل الله:{ وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه} . الآية . 13475 - حدثنا بشر , قال:ثنا يزيد , قال:ثنا سعيد , عن قتادة , قوله:{ ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} الآية , ذكر لنا أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال:يا نبي الله , إن من آبائنا من كان يحسن الجوار ويصل الأرحام ويفك العاني ويوفي بالذمم , أفلا نستغفر لهم ؟ قال:فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"بلى والله لأستغفرن لأبي كما استغفر إبراهيم لأبيه ! "قال:فأنزل الله:{ ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} حتى بلغ:{ الرحيم} ثم عذر الله إبراهيم فقال:{ وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه} . قال:وذكر لنا أن نبي الله قال:"أوحي إلي كلمات , فدخلن في أذني ووقرن في قلبي , أمرت أن لا أستغفر لمن مات مشركا , ومن أعطى فضل ماله فهو خير له , ومن أمسك فهو شر له , ولا يلوم الله على كفاف ". واختلف أهل العربية في معنى قوله:{ ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} فقال بعض نحويي البصرة:معنى ذلك:ما كان لهم الاستغفار , وكذلك معنى قوله:{ وما كان لنفس أن تؤمن} وما كان لنفس الإيمان{ إلا بإذن الله} . 10 100 وقال بعض نحويي الكوفة:معناه:ما كان ينبغي لهم أن يستغفروا لهم . قال:وكذلك إذا جاءت "أن "مع "كان ",فكلها بتأويل "ينبغي "{ ما كان لنبي أن يغل} 3 161 ما كان ينبغي له ليس هذا من أخلاقه , قال:فلذلك إذا دخلت "أن "تدل على الاستقبال , لأن "ينبغي "تطلب الاستقبال . وأما قوله:{ وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه} فإن أهل العلم اختلفوا في السبب الذي أنزل فيه , فقال بعضهم:أنزل من أجل أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يستغفرون لموتاهم المشركين ظنا منهم أن إبراهيم خليل الرحمن قد فعل ذلك حين أنزل الله قوله خبرا عن إبراهيم , قال:{ سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا} وقد ذكرنا الرواية عن بعض من حضرنا ذكره , وسنذكره عمن لم نذكره . 13476 - حدثنا ابن بشار , قال:ثنا عبد الرحمن , قال:ثنا سفيان , عن أبي إسحاق , عن أبي الخليل , عن علي قال:سمعت رجلا يستغفر لوالديه وهما مشركان , فقلت:أيستغفر الرجل لوالديه وهما مشركان ؟ فقال:أولم يستغفر إبراهيم لأبيه ؟ قال:فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم , فذكرت ذلك له , فأنزل الله:{ وما كان استغفار إبراهيم} إلى{ تبرأ منه}. 13477 - حدثنا ابن بشار , قال:ثنا يحيى , عن سفيان , عن أبي إسحاق , عن أبي الخليل , عن علي:أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستغفر لأبويه وهما مشركان , حتى نزلت:{ وما كان استغفار إبراهيم لأبيه} إلى قوله:{ تبرأ منه} . وقيل:{ وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة} , ومعناه:إلا من بعد موعدة , كما يقال:ما كان هذا الأمر إلا عن سبب كذا , بمعنى:من بعد ذلك السبب أو من أجله , فكذلك قوله:{ إلا عن موعدة}:من أجل موعدة وبعدها . وقد تأول قوم قول الله:{ ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى} الآية , أن النهي من الله عن الاستغفار للمشركين بعد مماتهم , لقوله:{ من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم} وقالوا:ذلك لا يتبينه أحد إلا بأن يموت على كفره , وأما هو حي فلا سبيل إلى علم ذلك , فللمؤمنين أن يستغفروا لهم . ذكر من قال ذلك:13478 - حدثنا سليمان بن عمر الرقي , ثنا عبد الله بن المبارك , عن سفيان الثوري , عن الشيباني , عن سعيد بن جبير قالا:مات رجل يهودي وله ابن مسلم , فلم يخرج معه , فذكر ذلك لابن عباس , فقال:كان ينبغي له أن يمشي معه ويدفنه ويدعو له بالصلاح ما دام حيا , فإذا مات وكله إلى شأنه ! ثم قال:{ وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه} لم يدع . * - حدثنا ابن وكيع , قال:ثنا فضيل , عن ضرار بن مرة , عن سعيد بن جبير , قال:مات رجل نصراني , فوكله ابنه إلى أهل دينه , فأتيت ابن عباس , فذكرت ذلك له فقال:ما كان عليه لو مشى معه وأجنه واستغفر له ! ثم تلا{ وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه} الآية . وتأول آخرون الاستغفار في هذا الموضوع بمعنى الصلاة . ذكر من قال ذلك:13479 - حدثني المثنى , قال:ثني إسحاق , قال:ثنا كثير بن هشام , عن جعفر بن برقان , قال:ثنا حبيب بن أبي مرزوق , عن عطاء بن أبي رباح , قال:ما كنت أدع الصلاة على أحد من أهل هذه القبلة ولو كانت حبشية حبلى من الزنا , لأني لم أسمع أن الله يحجب الصلاة إلا عن المشركين , يقول الله:{ ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} . وتأوله آخرون بمعنى الاستغفار الذي هو دعاء . ذكر من قال ذلك:13480 - حدثنا ابن وكيع , قال:ثنا أبي , عن عصمة بن راشد , عن أبيه قال:سمعت أبا هريرة يقول:رحم الله رجلا استغفر لأبي هريرة ولأمه ! قلت:ولأبيه ؟ قال:لا إن أبي مات وهو مشرك. قال أبو جعفر:وقد دللنا على أن معنى الاستغفار:مسألة العبد ربه غفر الذنوب ; وإذ كان ذلك كذلك , وكانت مسألة العبد ربه ذلك قد تكون في الصلاة وفي غير الصلاة , لم يكن أحد القولين اللذين ذكرنا فاسدا , لأن الله عم بالنهي عن الاستغفار للمشرك بعدما تبين له أنه من أصحاب الجحيم , ولم يخصص من ذلك حالا أباح فيها الاستغفار له . وأما قوله:{ من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم} فإن معناه:ما قد بينت من أنه من بعد ما يعلمون بموته كافرا أنه من أهل النار . وقيل:{ أصحاب الجحيم} لأنهم سكانها وأهلها الكائنون فيها , كما يقال لسكان الدار:هؤلاء أصحاب هذه الدار , بمعنى سكانها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك:13481 - حدثني المثنى , قال:ثنا إسحاق , قال:ثنا عبد الرازق , قال:أخبرنا معمر , عن قتادة , في قوله:{ من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم} قال:تبين للنبي صلى الله عليه وسلم أن أبا طالب حين مات أن التوبة قد انقطعت عنه . * - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال:ثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة , قال:تبين له حين مات , وعلم أن التوبة قد انقطعت عنه , يعني في قوله:{ من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم} . 13482 - حدثنا عن الحسين بن الفرج , قال:سمعت أبا معاذ قال:ثنا عبيد بن سليمان , قال:سمعت الضحاك في قوله:{ ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} الآية , يقول:إذا ماتوا مشركين , يقول الله:{ ومن يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة} 5 72 الآية . واختلف أهل التأويل في تأويل قوله:{ فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه} قال بعضهم:معناه:فلما تبين له بموته مشركا بالله تبرأ منه وترك الاستغفار له . ذكر من قال ذلك:13483 - حدثنا محمد بن بشار , قال:ثنا عبد الرحمن , قال:ثنا سفيان , عن حبيب , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس , قال:ما زال إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات , فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه . * - حدثنا ابن وكيع , قال:ثنا أبي , عن سفيان , عن حبيب , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس , قال:ما زال إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات , فلما مات تبين له أنه عدو لله . * - حدثني الحارث , قال:ثنا عبد العزيز , قال:ثنا سفيان , عن حبيب بن أبي ثابت , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس , قال:لم يزل إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات , فلما مات لم يستغفر له . * - حدثني المثنى , قال:ثنا عبد الله , قال:ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس:{ وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إنه عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه} يعني استغفر له ما كان حيا , فلما مات أمسك عن الاستغفار له. 13484 - حدثني مطر بن محمد الضبي , قال:ثنا أبو عاصم وأبو قتيبة مسلم بن قتيبة , قالا:ثنا شعبة , عن الحكم , عن مجاهد , في قوله:{ فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه} قال:لما مات . * - حدثنا محمد بن المثنى , قال:ثنا محمد بن جعفر , قال:ثنا شعبة , عن الحكم , عن مجاهد , مثله . 13485 - حدثني محمد بن عمرو , قال:ثنا أبو عاصم , قال:ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد:{ فلما تبين له أنه عدو لله} قال:موته وهو كافر . * - حدثنا ابن وكيع , قال:ثني أبي , عن شعبة , عن الحكم , عن مجاهد , مثله . 13486 - قال:ثنا البراء بن عتبة , عن أبيه , عن الحكم:{ فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه} قال:حين مات ولم يؤمن . 13487 - حدثني المثنى , قال:ثنا أبو حذيفة , قال:ثنا شبل , عن عمرو بن دينار:{ فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه}:موته وهو كافر. 13488 - حدثني عمرو بن عون , قال:ثنا هشيم عن جويبر , عن الضحاك في قوله:{ فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه} قال:لما مات. 13489 - حدثنا بشر , قال:ثنا يزيد , قال:ثنا سعيد , عن قتادة:{ فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه} لما مات على شركه تبرأ منه . 13490 - حدثنا عن الحسين بن الفرج , قال:سمعت أبا معاذ يقول:ثنا عبيد بن سليمان , قال:سمعت الضحاك يقول في قوله:{ وما كان استغفار إبراهيم لأبيه} كان إبراهيم صلوات الله عليه يرجو أن يؤمن أبوه ما دام حيا ; فلما مات على شركه تبرأ منه . * - حدثنا القاسم , قال:ثنا الحسين , قال:ثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد ,{ فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه} قال:موته وهو كافر . * - حدثنا محمد بن إسحاق , قال:ثنا أبو أحمد , قال:ثنا سفيان , عن حبيب بن أبي ثابت , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس , قال:ما زال إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات , فلما مات تبين له أنه عدو له فلم يستغفر له . 13491 - قال:ثنا أبو أحمد , قال:ثنا أبو إسرائيل , عن علي بن بذيمة , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس:{ فلما تبين له أنه عدو لله} قال:فلما مات . وقال آخرون:معناه تبين له في الآخرة ; وذلك أن أباه يتعلق به إذا أراد أن يجوز الصراط فيمر به عليه , حتى إذا كاد أن يجاوزه حانت من إبراهيم التفاتة فإذا هو بأبيه في صورة قرد أو ضبع , فخلى عنه وتبرأ منه حينئذ . ذكر من قال ذلك:13492 - حدثنا عمرو بن علي , قال:ثنا حفص بن غياث , قال:ثنا عبد الله بن سليمان , قال:سمعت سعيد بن جبير يقول:إن إبراهيم يقول يوم القيامة:رب والدي ! رب والدي ! فإذا كان الثالثة أخذ بيده , فيلتفت إليه وهو ضبعان فيتبرأ منه . 13493 - حدثنا ابن حميد , قال:ثنا جرير , عن منصور , عن عبيد بن عمير , قال:إنكم مجموعون يوم القيامة في صعيد واحد يسمعكم الداعي وينفذكم البصر , قال:فتزفر جهنم زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا وقع لركبتيه ترعد فرائصه . قال:فحسبته يقول:نفسي نفسي ! قال:ويضرب الصراط على جسر جهنم كحد السيف , وحضر من له ; وفي جانبيه ملائكة معهم خطاطيف كشوك السعدان . قال:فيمضون كالبرق وكالريح وكالطير , وكأجاويد الركاب , وكأجاويد الرجال , والملائكة يقولون:رب سلم سلم ! فناج سالم , ومخدوش ناج , ومكدوس في النار. يقول إبراهيم لأبيه:إني آمرك في الدنيا فتعصيني ولست تاركك اليوم , فخذ بحقوي ! فيأخذ بضبعيه , فيمسخ ضبعا , فإذا رآه قد مسخ تبرأ منه . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول الله , وهو خبره عن إبراهيم أنه لما تبين له أن أباه لله عدو يبرأ منه , وذلك حال علمه ويقينه أنه لله عدو وهو به مشرك , وهو حال موته على شركه .إن إبراهيم لأواه حليم
القول في تأويل قوله تعالى:{ إن إبراهيم لأواه حليم} اختلف أهل التأويل في "الأواه ",فقال بعضهم:هو الدعاء . ذكر من قال ذلك:13494 - حدثنا ابن بشار , قال:ثنا عبد الرحمن , قال:ثنا سفيان , عن عاصم , عن زر , عن عبد الله , قال:الأواه:الدعاء . * - حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا:ثنا أبو بكر , عن عاصم , عن زر , عن عبد الله , قال:الأواه:الدعاء . * - حدثني يونس , قال:أخبرنا ابن وهب , قال:ثني جرير بن حازم , عن عاصم بن بهدلة , عن زر بن حبيش , قال:سألت عبد الله عن الأواه , فقال:هو الدعاء . * - حدثنا ابن وكيع , قال:ثنا محمد بن بشر , عن ابن أبي عروبة , عن عاصم , عن زر , عن عبد الله مثله . * - قال:ثنا قبيصة , عن سفيان , عن عبد الكريم , عن أبي عبيدة , عن عبد الله , قال:الأواه:الدعاء . * - قال:ثنا أبي , عن سفيان , عن عاصم , عن زر , عن عبد الله , مثله . * - حدثنا أحمد , قال:ثنا أبو أحمد , قال:ثنا سفيان وإسرائيل , عن عاصم , عن زر , عن عبد الله مثله . 13495 - حدثني يعقوب بن إبراهيم وابن وكيع , قالا:ثنا ابن علية , قال:ثنا داود بن أبو هند , قال:نبئت عن عبيد بن عمير , قال:الأواه:الدعاء . * - حدثني إسحاق بن شاهين , قال:ثنا داود , عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي , عن أبيه , قال:الأواه:الدعاء . وقالا آخرون:بل هو الرحيم . ذكر من قال ذلك:13496 - حدثنا ابن بشار , قال:ثنا عبد الرحمن , قال:ثنا سفيان , عن سلمة , عن مسلم البطين , عن أبي العبيدين , قال:سئل عبد الله عن الأواه , فقال:الرحيم . * - حدثنا محمد بن المثنى , قال:ثني محمد بن جعفر , قال:ثنا شعبة , عن الحكم , قال:سمعت يحيى بن الجزار يحدث عن أبي العبيدين رجل ضرير البصر , أنه سأل عبد الله عن الأواه فقال:الرحيم. * - حدثنا أبو كريب , قال:ثنا المحاربي ; وحدثنا خلاد بن أسلم قال:أخبرنا النضر بن شميل جميعا , عن المسعودي , عن سلمة بن كهيل , عن أبي العبيدين أنه سأل ابن مسعود , فقال:ما الأواه ؟ قال:الرحيم . * - حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة , قال:ثنا ابن إدريس , عن الأعمش , عن الحكم , عن يحيى بن الجزار , عن أبي العبيدين , أنه جاء إلى عبد الله , وكان ضرير البصر , فقال:يا أبا عبد الرحمن , من نسأل إذا لم نسألك ؟ فكأن ابن مسعود رق له , قال:أخبرني عن الأواه , قال:الرحيم . * - حدثنا أبو كريب , قال:ثنا وكيع , وحدثنا ابن وكيع , قال:ثنا أبي , عن سفيان , عن سلمة بن كهيل , عن مسلم , عن البطين , عن أبي العبيدين , قال:سألت عبد الله عن الأواه , فقال:هو الرحيم . * - حدثنا ابن وكيع , قال:ثنا جرير , عن الأعمش , عن الحكم , عن يحيى بن الجزار , قال:جاء أبو العبيدين إلى عبد الله , فقال له ما حاجتك ؟ قال:ما الأواه ؟ قال:الرحيم . * - قال:ثنا ابن إدريس , عن الأعمش , عن الحكم , عن يحيى بن الجزار , عن أبي العبيدين رجل من بني سوأة , قال:جاء رجل إلى عبد الله فسأله عن الأواه , فقال له عبد الله:الرحيم . * - حدثنا ابن وكيع , قال:ثنا المحاربي وهانئ بن سعيد , عن حجاج , عن الحكم , عن يحيى بن الجزار , عن أبي العبيدين , عن عبد الله , قال:الأواه:الرحيم. * - حدثني يعقوب وابن وكيع , قالا:ثنا ابن علية , عن شعبة , عن الحكم , عن يحيى بن الجزار أن أبا العبيدين رجل من بين نمير - قال يعقوب:كان ضرير البصر ; وقال ابن وكيع:كان مكفوف البصر - سأل ابن مسعود فقال:ما الأواه ؟ قال:الرحيم . 13497 - حدثنا ابن وكيع , قال:ثنا أبو أسامة , عن زكريا , عن أبي إسحاق , عن أبي ميسرة , قال:الأواه:الرحيم . * - قال:ثنا أبي , عن سفيان , عن أبي إسحاق , عن أبي ميسرة , مثله . * - حدثنا أبو كريب , قال:ثنا وكيع , عن سفيان , عن أبي إسحاق , عن أبي ميسرة , مثله . 13498 - حدثنا ابن وكيع , قال:ثنا محمد بن بشر , عن سعيد , عن قتادة , عن الحسن , قال:هو الرحيم . 13499 - حدثنا بشر , قال:ثنا يزيد , قال:ثنا سعيد , عن قتادة , قال:كنا نحدث أن الأواه الرحيم . * - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال:ثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة:{ إن إبراهيم لأواه} قال:رحيم . * - قال عبد الكريم الجزري , عن أبي عبيدة , عن ابن مسعود مثل ذلك . * - حدثنا أحمد , قال:ثنا أبو أحمد , قال:ثنا سفيان , عن عبد الكريم , عن أبي عبيدة , عن عبد الله , قال:الأواه:الرحيم . * - حدثنا أحمد , قال:ثنا أبو أحمد قال:ثنا سفيان , عن سلمة , عن مسلم البطين , عن أبي العبيدين , أنه سأل عبد الله عن الأواه , فقال الرحيم . 13500 - قال:ثنا سفيان , عن أبي إسحاق , عن عمرو بن شرحبيل , قال:الأواه:الرحيم . * - حدثني الحارث , قال:ثنا عبد العزيز , قال:ثنا مبارك , عن الحسن , قال:الأواه:الرحيم بعباد الله . * - قال:ثنا الحسين , قال:ثنا أبو خيثمة زهير , قال:ثنا أبو إسحاق الهمداني , عن أبي ميسرة , عن عمرو بن شرحبيل , قال:الأواه:الرحيم بلحن الحبشة . وقال آخرون:بل هو الموقن . ذكر من قال ذلك:13501 - حدثنا أبو كريب , قال:ثنا وكيع ; وحدثنا ابن وكيع , قال:ثنا أبي , عن سفيان , عن قابوس , عن أبيه , عن ابن عباس , قال:الأواه:الموقن . * - حدثنا ابن وكيع , قال:ثنا أبي بن آدم , عن ابن مبارك , عن خالد , عن عكرمة , عن ابن عباس قال:الأواه:الموقن بلسان الحبشة . * - قال:ثنا حميد بن عبد الرحمن , عن حسن , عن مسلم , عن مجاهد , عن ابن عباس , قال:الأواه:الموقن بلسانه الحبشة . 13502 - حدثني الحارث , قال:ثنا عبد العزيز , قال:سمعت سفيان يقول:الأواه:الموقن . وقال بعضهم:الفقيه الموقن . 13503 - حدثني الحارث , قال:ثنا عبد العزيز , قال:ثنا سفيان , عن جابر , عن عطاء , قال:الأواه:الموقن بلسان الحبشة. 13504 - حدثنا ابن وكيع , قال:ثنا ابن إدريس , عن أبيه , عن رجل , عن عكرمة , قال:هو الموقن بلسان الحبشة . 13505 - قال:ثنا ابن نمير , عن الثوري , عن مجالد , عن أبي هاشم , عن مجاهد , قال:الأواه:الموقن. * - حدثنا الحسن بن يحيى , قال:أخبرنا عبد الرزاق , قال:أخبرنا الثوري , عن مسلم , عن مجاهد , قال:الأواه:الموقن . * - قال:أخبرنا عبد الرزاق , قال:أخبرنا معمر , عن قابوس , عن أبي ظبيان , عن ابن عباس , قال:الأواه:الموقن . * - حدثني المثنى , قال:ثنا أبو حذيفة , قال:ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد:"أواه ":موقن . 13506 - حدثني محمد بن عمرو , قال:ثنا أبو عاصم , قال:ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد:أواه , قال:مؤتمن موقن . * - حدثت عن الحسين بن الفرج , قال:سمعت أبا معاذ , يقول:أخبرنا عبيد بن سليمان , قال:سمعت الضحاك يقول في قوله:{ إن إبراهيم لأواه حليم} قال:الأواه:الموقن . وقال آخرون:هي كلمة بالحبشية معناها:المؤمن . ذكر من قال ذلك:13507 - حدثني محمد بن سعد , قال:ثني أبي , قال:ثني عمي , قال:ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس:{ لأواه حليم} قال:الأواه:هو المؤمن بالحبشية . * - حدثنا علي بن داود , قال:ثنا عبد الله بن صالح , قال:ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس , قوله:{ إن إبراهيم لأواه} يعني:المؤمن التواب . * - حدثنا أحمد , قال:ثنا أبو أحمد , قال:ثنا حسن بن صالح , عن مسلم , عن مجاهد , عن ابن عباس , قال:الأواه:المؤمن . 13508 - حدثنا القاسم , قال:ثنا الحسين , قال:ثني حجاج , عن ابن جريج:الأواه:المؤمن بالحبشية. وقال آخرون:هو المسبح الكثير الذكر لله . ذكر من قال ذلك:13509 - حدثني المثنى , قال:ثنا الحماني , قال:ثنا شريك , عن سالم , عن سعيد , قال:الأواه:المسبح . 13510 - حدثنا ابن وكيع , قال:ثنا المحاربي , عن حجاج , عن الحكم , عن الحسن بن مسلم بن يناق , أن رجلا كان يكثر ذكر الله ويسبح , فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم , فقال:"إنه أواه ". 13511 - حدثنا ابن وكيع , قال:ثنا يزيد بن حيان , عن ابن لهيعة , عن الحارث بن يزيد , عن علي بن رباح , عن عقبة بن عامر , قال:الأواه:الكثير الذكر لله. وقال آخرون:هو الذي يكثر تلاوة القرآن . ذكر من قال ذلك:13512 - حدثنا أبو كريب , قال:ثنا ابن يمان , قال:ثنا المنهال بن خليفة , عن حجاج بن أرطأة , عن عطاء عن ابن عباس:أن النبي صلى الله عليه وسلم دفن ميتا , فقال:"يرحمك الله إن كنت أواها "يعني:تلاء للقرآن. وقال آخرون:هو من التأوه . ذكر من قال ذلك:13513 - حدثنا ابن المثنى , قال:ثنا محمد بن جعفر , قال:ثنا شعبة , عن أبي يونس القشيري , عن قاص كان بمكة:أن رجلا كان في الطواف , فجعل يقول:أوه ! قال:فشكاه أبو ذر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:"دعه إنه أواه ". 13514 - حدثنا أبو كريب , قال:ثنا وكيع , وحدثنا ابن وكيع , قال:ثنا أبي , عن شعبة , عن أبي يونس الباهلي , قال:سمعت رجلا بمكة كان أصله روميا يحدث عن أبي ذر , قال:كان رجل يطوف بالبيت ويقول في دعائه:أوه أوه ! فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:"إنه أواه ". زاد أبو كريب في حديثه , قال:فخرجت ذات ليلة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدفن ذلك الرجل ليلا ومعه المصباح . 13515 - حدثنا ابن وكيع , قال:ثنا زيد بن الحباب , عن جعفر بن سليمان , قال:ثنا عمران , عن عبيد الله بن رباح , عن كعب , قال:الأواه:إذا ذكر النار قال:أوه ! * - حدثنا ابن حميد , قال:ثنا عبد العزيز , عن عبد الصمد القمي , عن أبي عمران الحوفي , عن عبد الله بن رباح , عن كعب , قال:كان إذا ذكر النار قال:أواه ! . * - حدثنا الحسن , قال:أخبرنا عبد الرزاق , عن جعفر بن سليمان , قال:أخبرنا أبو عمران , قال سمعت عبد الله بن رباح الأنصاري يقول:سمعت كعبا يقول:{ إن إبراهيم لأواه} قال:إذا ذكر النار قال:أوه من النار . وقال آخرون:معناه أنه فقيه . ذكر من قال ذلك:13516 - حدثنا القاسم , قال:ثنا الحسين , قال:ثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد:{ إن إبراهيم لأواه} قال:فقيه . وقال آخرون:هو المتضرع الخاشع . ذكر من قال ذلك:13517 - حدثني المثنى , قال:ثنا الحجاج بن المنهال , قال:ثنا عبد الحميد بن بهرام , قال:ثنا شهر بن حوشب , عن عبد الله بن شداد بن الهاد , قال:بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس , قال رجل:يا رسول الله ما الأواه ؟ قال:"المتضرع ". قال:"إن إبراهيم لأواه حليم ". * - حدثني المثنى , قال:ثنا إسحاق , قال:ثنا عبد الرحمن بن مغراء , عن عبد الحميد , عن شهر , عن عبد الله بن شداد , قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الأواه:الخاشع المتضرع ". وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب القول الذي قاله عبد الله بن مسعود الذي رواه عنه زر أنه الدعاء . وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب , لأن الله ذكر ذلك ووصف به إبراهيم خليله صلوات الله عليه بعد وصفه إياه بالدعاء والاستغفار لأبيه , فقال:{ وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين لا أنه عدو لله تبرأ منه} وترك الدعاء والاستغفار له , ثم قال:إبراهيم لدعاء ربه شاك له حليم عمن سبه وناله بالمكروه ; وذلك أنه صلوات الله عليه وعد أباه بالاستغفار له , ودعاء الله له بالمغفرة عند وعيد أبيه إياه , وتهدده له بالشتم بعد ما رد عليه نصيحته في الله , وقوله:{ أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا} فقال له صلوات الله عليه:{ سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا} 19 47:48 فوفى لأبيه بالاستغفار له حتى تبين له أنه عدو لله , فوصفه الله بأنه دعاء لربه حليم عمن سفه عليه. وأصله من التأوه وهو التضرع والمسألة بالحزن والإشفاق , كما روى عبد الله بن شداد عن النبي صلى الله عليه وسلم , وكما روى عقبة بن عامر الخبر الذي:13518 - حدثنيه يحيى بن عثمان بن صالح السهمي , قال:ثنا أبي , قال:ثنا ابن لهيعة , قال:ثني الحارث بن يزيد , عن علي بن رباح , عن عقبة بن عامر:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل يقال له ذو البجادين:"إنه أواه ! "وذلك أنه رجل كان يكثر ذكر الله بالقرآن والدعاء ويرفع صوته . ولذلك قيل للمتوجع من ألم أو مرض:لم تتأوه ؟ كما قال المثقب العبدي:إذا ما قمت أرحلها بليل تأوه آهة الرجل الحزين ومنه قول الجعدي:ضروح مروح تتبع الورق بعدما يعرسن تشكو آهة وتذمرا ولا تكاد العرب تنطق منه بفعل يفعل , وإنما تقول فيه:تفعل يتفعل , مثل تأوه يتأوه , وأوه يؤوه , كما قال الراجز:فأوه الراعي وضوضى أكلبه وقالوا أيضا:أوه منك ! ذكر الفراء أن أبا الجراح أنشده:فأوه من الذكرى إذا ما ذكرتها ومن بعد أرض بيننا وسماء قال:وربما أنشدنا "فأو من الذكرى "بغير هاء . ولو جاء فعل منه على الأصل لكان آه يئوه أوها . ولأن معنى ذلك:توجع وتحزن وتضرع , اختلف , أهل التأويل فيه الاختلاف الذي ذكرت , فقال من قال معناه الرحمة:أن ذلك كان من إبراهيم على وجه الرقة على أبيه والرحمة له ولغيره من الناس . وقال آخرون:إنما كان ذلك منه لصحة يقينه وحسن معرفته بعظمة الله وتواضعه له. وقال آخرون:كان لصحة إيمانه بربه. وقال آخرون:كان ذلك منه عند تلاوته تنزيل أحد الذي أنزل عليه . وقال آخرون:كان ذلك منه عند ذكر ربه . وكل ذلك عائد إلى ما قلت , وتقارب معنى بعض ذلك من بعض ; لأن الحزين المتضرع إلى ربه الخاشع له بقلبه , ينوبه ذلك عند مسألته ربه ودعائه إياه في حاجاته , وتعتوره هذه الخلال التي وجه المفسرون إليها تأويل قول الله:{ أن إبراهيم لأواه حليم} .