القول في تأويل قوله:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (23)
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله:لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم بطانة وأصدقاء تفشون إليهم أسرارَكم، وتطلعونهم على عورة الإسلام وأهله, وتؤثرون المُكْثَ بين أظهرهم على الهجرة إلى دار الإسلام (10) =(إن استحبُّوا الكفر على الإيمان)، يقول:إن اختاروا الكفر بالله، على التصديق به والإقراربتوحيده =(ومن يتولهم منكم)، يقول:ومن يتخذهم منكم بطانة من دون المؤمنين, ويؤثر المقَام معهم على الهجرة إلى رسول الله ودار الإسلام (11) =(فأولئك هم الظالمون)، يقول:فالذين يفعلون ذلك منكم، هم الذين خالفوا أمرَ الله, فوضعوا الولاية في غير موضعها، وعصوا الله في أمره. (12)
* * *
وقيل:إن ذلك نـزل نهيًا من الله المؤمنين عن موالاة أقربائهم الذين لم يهاجروا من أرض الشرك إلى دار الإسلام.
* ذكر من قال ذلك:
16568- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله:أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، قال:أمروا بالهجرة, فقال العباس بن عبد المطلب:أنا أسقي الحاج! وقال طلحة أخو بني عبد الدار:أنا صاحب الكعبة، فلا نهاجر ! فأنـزلت:(لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء)، إلى قوله:يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ، بالفتح, في أمره إياهم بالهجرة. هذا كله قبل فتح مكة.
--------------------
الهوامش:
(10) انظر تفسير "ولي "فيما سلف من فهارس اللغة ( ولي ) .
(11) انظر تفسير "التولي "فيما سلف من فهارس اللغة ( ولي ) .
(12) انظر تفسير "الظلم "فيما سلف من فهارس اللغة ( ظلم ) .