القول في تأويل قوله:قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52)
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:(قل)، يا محمد، لهؤلاء المنافقين الذين وصفتُ لك صفتهم وبينت لك أمرهم:هل تنتظرون بنا إلا إحدى الخَلَّتين اللتين هما أحسن من غيرهما, (32) إما ظفرًا بالعدو وفتحًا لنا بِغَلَبَتِناهم, ففيها الأجر والغنيمة والسلامة = وإما قتلا من عدوِّنا لنا, ففيه الشهادة، والفوز بالجنة، والنجاة من النار. وكلتاهما مما نُحبُّ ولا نكره =(ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده)، يقول:ونحن ننتظر بكم أن يصيبكم الله بعقوبة من عنده عاجلة، تهلككم =(أو بأيدينا)، فنقتلكم =(فتربصوا إنا معكم متربصون)، يقول:فانتظروا إنا معكم منتظرون ما الله فاعل بنا, وما إليه صائرٌ أمر كلِّ فريقٍ منَّا ومنكم.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
16796- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس قوله:(هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين)، يقول:فتح أو شهادة = وقال مرة أخرى:يقول القتل, فهي الشهادة والحياة والرزق. وإما يخزيكم بأيدينا.
16797- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله:(هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين)، يقول:قتل فيه الحياة والرزق, وإما أن يغلب فيؤتيه الله أجرًا عظيمًا، وهو مثل قوله:وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إلىفَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا[سورة النساء:74].
16798- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قوله:(إلا إحدى الحسنيين)، قال:القتل في سبيل الله، والظهور على أعدائه.
16799- ...... قال، حدثنا محمد بن بكر, عن ابن جريج قال:بلغني عن مجاهد قال:القتل في سبيل الله, والظهور.
16800- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد:(إحدى الحسنيين)، القتل في سبيل الله، والظهور على أعداء الله.
16801- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد, بنحوه = قال ابن جريج، قال ابن عباس:(بعذاب من عنده)، بالموت =(أو بأيدينا), قال:القتل.
16802- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله:(هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين)، إلا فتحًا أو قتلا في سبيلالله =(ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا)، أي:قتل.
---------------------------
الهوامش:
(32) انظر تفسير "التربص"فيما سلف ص:177، تعليق:3، والمراجع هناك.
= وتفسير "الحسنى "فيما سلف 9:96 ، 97 .