القول في تأويل قوله:لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66)
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:قل لهؤلاء الذين وصفت لك صفتهم:(لا تعتذروا)، بالباطل, فتقولوا:(كنا نخوض ونلعب) =(قد كفرتم)، يقول:قد جحدتم الحق بقولكم ما قلتم في رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به (18) =(بعد إيمانكم)، يقول:بعد تصديقكم به وإقراركم به =(إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة). (19)
* * *
وذكر أنه عُنِي:بـ "الطائفة "، في هذا الموضع، رجلٌ واحد. (20)
وكان ابن إسحاق يقول فيما:-
16919- حدثنا به ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق قال:كان الذي عُفِي عنه، فيما بلغني مَخْشِيّ بن حُمَيِّر الأشجعي، (21) حليف بني سلمة, وذلك أنه أنكر منهم بعض ما سمع. (22)
16920- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا زيد بن حبان, عن موسى بن عبيدة, عن محمد بن كعب:(إن نعف عن طائفة منكم)، قال:"طائفة "، رجل.
* * *
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم:معناه:(إن نعف عن طائفة منكم)، بإنكاره ما أنكر عليكم من قبل الكفر =(نعذب طائفة)، بكفره واستهزائه بآيات الله ورسوله.
* ذكر من قال ذلك:
16922- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر قال، قال بعضهم:كان رجل منهم لم يمالئهم في الحديث, يسير مجانبًا لهم, (23) فنـزلت:(إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة)، فسُمِّي "طائفةً"وهو واحدٌ.
* * *
وقال آخرون:بل معنى ذلك. إن تتب طائفة منكم فيعفو الله عنه, يعذب الله طائفة منكم بترك التوبة.
* * *
وأما قوله:(إنهم كانوا مجرمين)، فإن معناه:نعذب طائفة منهم باكتسابهم الجرم, وهو الكفر بالله, وطعنهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم. (24)
---------------------
الهوامش:
(18) في المخطوطة:"يقول:لحم الحق "، وهي لا تقرأ ، والذي في المطبوعة مقارب للصواب ، فتركته على حاله .
(19) انظر تفسير "العفو"فيما سلف من فهارس اللغة (عفا).
(20) انظر تفسير "الطائفة"فيما سلف 13:398، تعليق:1 ، والمراجع هناك.
(21) في سيرة ابن هشام في هذا الموضع "مخشن بن حمير"، وقد أشار ابن هشام إلى هذا الاختلاف فيما سلف من سيرته، ابن هشام 4:168 . ولكني أثبت ما في المخطوطة.
(22) الأثر:16919 - سيرة ابن هشام 4:195 ، وهو تابع الأثر السالف رقم:16910.
(23) في المطبوعة:"فيسير"، بالفاء، أثبت ما في المخطوطة.
(24) انظر تفسير "الإجرام "فيما سلف 13:408 ، تعليق:2 ، والمراجع هناك.