المفردات:
لا تعتذروا: لا تطلبوا قبول المعذرة والحجة التي تبرئون بها أنفسكم .
مجرمين: مرتكبين للجرم وهو الذنب العظيم .
التفسير:
66 –{لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ...} الآية .
أي: لا تشغلوا أنفسكم بتلمس المعاذير وانتحالها ؛رغبة في دفع اللوم والعتاب عنكم ؛لتحقق كذبها وبطلانها ؛فإن الاستهزاء بالله كفر محض وشر مستطير ،وكذلك الاستهزاء بالرسول وأخلاقه وأعماله .
أي: لا تفعلوا مالا ينفع ؛فقد ظهر كذبكم ونفاقكم وكفركم ؛بالاجتراء على الله والاستهزاء به وبآياته ورسوله ،بعد أن أعلنتم الإيمان وأظهرتم الإسلام .
{إن نعف عن طائفة منكم} .
أي: إذا صفحنا عن جماعة منهم لصدق توبتهم ،وإخلاص إيمانهم وابتعادهم عن الإيذاء والاستهزاء بعد أن خاضوا في ذلك مع الخائضين .
{نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين} .
أي: نعاقب جماعة أخرى على الكفر والنفاق ؛لإصرارهم على ذلك ومضيهم في السخرية والاستهزاء .
من كتب التفسير
1 – جاء في تفسير الفخر الرازي ما يأتي:
الاستهزاء بالدين يعد من باب الكفر ،إذ إنه على الاستخفاف ،والأساس الأول في الإيمان تعظيم الله تعالى ،بأقصى الإمكان ،والجمع بينهما محال .
2 – جاء في تفسير ابن كثير ما يأتي:
قال ابن إسحاق: كان جماعة من المنافقين منهم وديعة بن ثابت ،ومنهم رجل من أشجع ،حليف لبني سلمة يقال له:"مخش بن حمير "يسيرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى تبوك ،فقال بعضهم: أتحسبون جلاد بني الأصفر – أي: الروم كقتال العرب بعضهم ؟والله لكأنّا بكم غدا مقرنين في الحبال ؛إرجافا وترهيبا للمؤمنين .
فقال مخش بن حمير: لو رددت أن أقاضي على أن يضرب كل رجل منا مائة جلدة ،وأننا ننجو من أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه ،وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم – فيما بلغني – لعمار بن ياسر:"أدرك القوم فإنهم قد احترقوا ،فسلهم عما قالوا فإن أنكروا فقل: بلى ،قلتم ،كذا وكذا "؛فانطلق إليهم عمار فقال ذلك لهم ؛فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتذرون إليه .
فقال وديعة بن ثابت – ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف على راحلته -: يا رسول الله ،إنما كنا نخوض ونلعب .
فقال مخش106 بن حمير: يا رسول الله ،قعد بي اسمى واسم أبي ،فكان الذي عفى عنه في هذه الآية هو مخش بن حمير ،فتسمى: عبد الرحمان ،وسأل الله أن يقتل شهيدا ،لا يعلم مكانه ؛فقتل يوم اليمامة ولم يوجد له أثر107 .