وقوله:( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ ) وهذا هو جواب القسم.
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة، قال:وقع ها هنا القسم ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ ) .
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم:معناه:لقد خلقنا ابن آدم في شدّة وعناء ونصب.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا عليّ، قال:ثنا أبو صالح، قال:ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله:( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ ) يقول:في نَصَب.
حدثنا ابن المثنى، قال:ثنا محمد بن جعفر، قال:ثنا سعيد، عن منصور بن زاذان، عن الحسن، أنه قال في هذه الآية:( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ ) يقول:في شدّة.
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ ) حين خُلِق في مشقة لا يُلَقى ابن آدم إلا مكابد أمر الدنيا والآخرة.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال:ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله:( فِي كَبَدٍ ) قال:يكابد أمر الدنيا والآخرة.
وقال بعضهم:خُلِق خَلْقا لم نَخْلق خلقه شيئا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب، قال:ثنا وكيع، عن عليّ بن رفاعة، قال:سمعت الحسن يقول:لم يخلق الله خلقا يكابد ما يُكابد ابن آدم.
قال:ثنا وكيع، عن عليّ بن رفاعة، قال:سمعت سعيد بن أبي الحسن يقول:( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ ) قال:يكابد مصائب الدنيا، وشدائد الآخرة.
قال:ثنا وكيع، عن النضر، عن عكرِمة قال:( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ ) قال:في شدّة.
حدثنا ابن حميد، قال:ثنا مهران، عن سفيان، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ ) قال:في شدّة.
قال:ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، قال:في شدّة معيشته، وحمله وحياته، ونبات أسنانه.
قال:ثنا مهران، عن سفيان، قال:قال مجاهد ( الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ ) قال:شدة خروج أسنانه.
حدثني محمد بن عمرو، قال:ثنا أبو عاصم، قال:ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال:ثنا الحسن، قال:ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:( الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ ) قال:شدّة.
وقال آخرون:معنى ذلك أنه خُلِق منتصبا معتدل القامة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال:ثني أبي، قال:ثني عمي، قال:ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله:( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ ) قال:في انتصاب، ويقال:في شدّة.
حدثنا ابن المثنى، قال:ثنا حرمى بن عمارة، قال:ثنا شعبة، قال:أخبرني عمارة، عن عكرِمة، في قوله:( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ ) قال:في انتصاب، يعني القامة.
حدثنا ابن بشار، قال:ثنا عبد الرحمن، قال:ثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ ) قال:منتصبا.
حدثنا ابن حميد، قال:ثنا مهران؛ وحدثنا أبو كُرَيب، قال:ثنا وكيع، جميعا عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، مثله.
حدثنا أبو كُرَيب، قال:ثنا ابن أبي زائدة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله بن شَدَّاد، في قوله:( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ ) قال:معتدلا بالقامة، قال أبو صالح:معتدلا في القامة.
حدثنا يحيى بن داود الواسطي، قال:ثنا يحيى بن سعيد القطان، عن إسماعيل، عن أبي صالح ( خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ ) قال:قائما.
حُدثت عن الحسين، قال:سمعت أبا معاذ يقول:ثنا عبيد، قال:سمعت الضحاك يقول، في قوله:( فِي كَبَدٍ ) خُلِق منتصبا على رجلين، لم تخلق دابة على خلقه
حدثنا ابن حميد، قال:ثنا جرير، عن مُغيرة، عن مجاهد ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ ) قال:في صَعَد.
وقال آخرون:بل معنى ذلك:أنه خُلق في السماء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال:أخبرنا ابن وهب، قال:قال ابن زيد، في قوله:( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ ) قال:في السماء، يسمى ذلك الكَبَد.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب:قول من قال:معنى ذلك أنه خلق يُكابد الأمور ويُعالجها، فقوله:( فِي كَبَدٍ ) معناه:في شدّة.
وإنما قلنا:ذلك أولى بالصواب؛ لأن ذلك هو المعروف في كلام العرب من معاني الكَبَد، ومنه قول لبيد بن ربيعة:
عَيْــنِ هَــلا بَكَــيْتِ أرْبَــدَ إذْ
قُمْنــا وَقَــامَ الخُـصُومِ فِـي كَبَـد (1)
------------------------
الهوامش:
(1) البيت للبيد يرثى أخاه أربد ، وقد هلك على دين الجاهلية . قال أبو عبيدة في مجاز القرآن ( 187 ):{ خلقنا الإنسان في كبد} . في شدة . قال لبيد:"عين هلا ... "البيت . وفي ( اللسان:كبد ) الرجل يكابد الليل:إذا ركب هوله وصعوبته . ويقال:كابدت ظلمة الليلة مكابدة شديدة . وقال لبيد:"عين هلا ... "البيت أي في شدة وعناء . ويقال:تكبده الأمر:قصدته . ا هـ .