( لقد خلقنا الإنسان في كبد ) .
وهذا هو الهدف النهائي للقسم «الكبد » كما يقول الطبرسي في مجمع البيان في الأصل بمعنى «الشدّة » ولذا يقال للّبن إذا استغلظ «تكبّد اللّبن » ولكن كما يقول الراغب في مفرداته أنّ «كبد » ألم يصيب الكَبِد ،ثمّ أطلق على كلّ ألم ومشقّة .
نعم ...الإنسان يمرّ في دورة حياته بمراحل كلّها مشوبة بالألم ومقرونة بالعناء .منذ أن يستقرّ نطفة في رحم أمه حتى ولادته ،ثمّ بعد ولادته في مراحل طفولته وشبابه وشيخوخته يعاني من ألوان المشاق والآلام ،هذه طبيعة الحياة ،ومن توقّع منها غير ذلك خيّبت ظنّه .يقول الشاعر:
طبعت على كدر وأنت تريدها *** صفواً من الأكدار والأقذار
ومكلّف الأيّام ضد طباعها*** متطلب في الماء جذوة نار
وهذه الحالة تشمل كلّ أبناء البشر دونما استثناء ،بمن فيهم أنبياء اللّه وأولياؤه الصالحون .
وإذا خُيل إلينا أن ثمّة مجتمعات تبدو بعيدة عن الآلام والأتعاب وتعيش في دعة ورفاه ،فذلك نتيجة نظرة سطحية ،ولو تعمقنا في دراسة هذه المجتمعات ،ونظرنا إليها عن كثب لتلمسنا ما تعانيه من عميق الألم وشدّة النصب ..ثمّ إذا كان هناك استثناءات مكانية وزمانية محدودة من هذه الحالة العامة فلا ينتقض القانون العام للحياة ( أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ){[5994]} .