ثم بين- سبحانه- حالة هذا الإنسان اليؤوس الكفور، عند ما تأتيه السراء بعد الضراء فقال:وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ، لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي، إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ.
والنعماء:النعمة التي يظهر أثرها على صاحبها، واختير لفظ النعماء لمقابلته للضراء.
والضراء:ما يصيب الإنسان من مصائب يظهر أثرها السيئ عليه.
والمراد بالسيئات:الاضرار التي لحقته كالفقر والمرض.
والمعنى:ولئن أذقنا هذا الإنسان اليؤوس الكفور نَعْماءَ بعد ضراء مسته كصحة بعد مرض، وغنى بعد فقر، وأمن بعد خوف، ونجاح بعد فشل..
لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي أى:ليقولن في هذه الحالة الجديدة ببطر وأشر، وغرور وتكبر، لقد ولت المصائب عنى الأدبار، ولن تعود إلى.
وعبر- سبحانه- في جانب الضراء بالمس، للإشارة إلى أن الإصابة بها أخف مما تذوقه من نعماء، وأن لطف الله شامل لعباده في كل الأحوال.
وجملة إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ جواب القسم.
أى:إنه لشديد الفرح والبطر بالنعمة:كثير التباهي والتفاخر بما أعطى منها، مشغول بذلك عن القيام بما يجب عليه نحو خالقه من شكر وثناء عليه- سبحانه-.
وإنها- أيضا- لصورة صادقة لهذا الإنسان العجول القاصر، الذي يعيش في لحظته الحاضرة، فلا يتذكر فيما مضى، ولا يتفكر فيما سيكون عليه حاله بعد الموت، ولا يعتبر بتقلبات الأيام، فهو يؤوس كفور إذا نزعت منه النعمة، وهو بطر فخور إذا عادت إليه، وهذا من أسوأ ما تصاب به النفس الإنسانية من أخلاق مرذولة.