{ ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور 10} .
( اللام ) ممهدة للقسم وما قلناه في قوله تعالى:{ ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة} ، يقال هنا ، والنعماء هي النعمة السابغة ، والضراء ما يضر في الجسم أو المال ويصيب النفس فيوجد بأسا وضرا لا يرجى زواله عند غير المؤمن .
جواب القسم{ ليقولن ذهب السيئات عني} ، وكان جواب القسم لدخول اللام ، والتأكيد بنون التوكيد الثقيلة ، والقسم واللام ذاته تأكيد .
والسيئات الأمور التي ساءته والتعبير بالماضي دليل على تأكيد الذهاب ، وهو لا يسند ذلك لله ، بل يذكره من غير إسناد للمنعم وكأنه جاء عفوا من غير سبب الأسباب ومقدر الأقدار .
ومن قوله تعالى ، إنه يفرح بذلك ويفاخر به فقال:{ إنه لفرح فخور} أي إنه يغمره الفرح فينسبه ما كان فيه من ضراء وما أصابه من شقاء .
هكذا المادي لا يؤمن إلا بما هو فيه ناسيا ما كان معتبرا به ، فله الساعات التي هو فيها لا يفكر فيها سواها ، وفي وصفه يقول الله تعالى:{ فخور} أنه يتطاول على غيره مغترا بما آلت إليه حاله ، والفخر فيه أمران مفسدان للنفس:
الأمر الأول:المطاولة على الغيروغمط الناس حقوقهم .
الأمر الثاني:إنكار نعمة المنعم معتقدا أنه مجهوده وعمله وليس بعطاء من الله وإن التفاخر يوهم صاحبه أنه في حال لم يصل إليها غيره فيتخيل ما ليس عنده ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا حين قال ، "كلوا واشربوا والبسوا من غير سرف ولا مخيلة"وقال تعالى:{. . .إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا 36}( النساء ) .
وهذا شأن الإنسان الذي لم يؤته الله تعالى صبر المؤمنين ولا ضبط نفوسهم ، ولذلك استثنى الذين صبروا وآمنوا وعملوا الصالحات من عموم الإنسان فقال تعالى: