{نَعْمَآءَ}: النعماء: أنعام أو نِعَمٌ أثرها على صاحبها .
{ضراء}:الحالة التي تضر ،كالفقر والشدة والعذاب ،وهي نقيض السراء .
{السيئات}: المراد بالسيئات بقرينة المقام: المصائب والبلايا التي يسوء الإنسان نزولها عليه .
{فخور}: فعول من فخر يفخر ،وهو الذي يكثر فخره ،بتعداد مناقب نفسه ،وهذه صفة ذم لما فيها من التكبر على من لا يجوز أن يتكبر عليه .
{وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَآءَ بَعْدَ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ} فحصل على الصحة بعد المرض ،وعلى الغنى بعد الفقر ،وعلى الأمن بعد الخوف ،وانطلقت الإشراقة الروحية في حياته ،لتبدّد الظلمة التي عاشت في أحداقه مدةً طويلة من الزمن ،فاستسلم للخير المستجد في حياته ،استسلام الاسترخاء الذي يبحث عن أرضٍ يتمدّد عليها ،لا عن تجربةٍ يستفيد منها ،في ظواهر قابلةٍ للتغيير والتبديل ...
وهكذا سيطرت عليه الغفلة ،فلم ينفتح على مخاوف المستقبل ،ولم يتحفظ أمام المفاجآت ،{لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي} انفتحت الحياة أمامي بكل مجالاتها الواسعة ،فلا انغلاق ولا ضيق ،فليفتح المستقبل لي كل أبوابه ،لأن موعد الشروق قادمٌ بكل امتدادات الحياة ،{إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} ،ليس هو الفرح الهادىء الذي يستمتع بالنتائج الحاضرة بطريقة لا أثر فيها للبطر وللخيلاء ،بل هو الفرح المتحرك بالزهو الاستعراضي المتكبّر ،الذي يعمل على الإيحاء بعظمة الذات ،وسحر الشخصية ،كما أنه ليس الفخر الواقعي الذي يقف أمام حدود القيمة داخل حركة الحياة من حوله ،بل هو الفخر المتعاظم بالمجد الضخم الذي ارتفع إليه من دون بحث عن مواقع القيمة في حركة الحياة الواقعية ،وتلك هي الشخصية المهتزّة الواقعة في مهبّ الرّيح ،فلا مجال لديها لأيّ استقرارٍ في الفكر والشعور والموقف ،لفقدانها القاعدة الصلبة التي ترتكز عليها في انفعالها بالأحداث ،وفي تأثّرها بالقضايا ،وفي التزامها بالمواقف ،وذلك هو سرّ الضعف في عمق هذه الشخصية القلقة غير المتوازنة .