أورد المفسرون في سبب نزول هاتين الآيتين روايات منها:
قال ابن كثير:قال العوفى عن ابن عباس في قوله:قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ....
قال:كان أهل الشرك يقولون نعبد الملائكة والمسيح وعزيرا.
وروى البخاري وغيره عن ابن مسعود في قوله:أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ قال:كان ناس من الإنس يعبدون ناسا من الجن، فأسلم الجن وتمسك هؤلاء- أى الإنس- بدينهم..
فنزلت هذه الآية .
وقال القرطبي:لما ابتليت قريش بالقحط، وشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنزل الله هذه الآية:قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ ... .
والمراد بالزعم هنا:الظن الكاذب الذي لا أساس له من الحقيقة والواقع.
قال الآلوسى ما ملخصه:والزعم قريب من الظن، ويقال إنه القول المشكوك فيه، ويستعمل بمعنى الكذب، حتى قال ابن عباس:كل ما ورد في القرآن زعم فهو كذب.
وقد يطلق على القول المحقق، والصدق الذي لا شك فيه ... فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«زعم جبريل كذا ... » .
وهو مما يتعدى إلى مفعولين، وقد حذفا هنا، أى:زعمتموهم آلهة.. والظاهر أن المراد من الموصول- الذين- كل من عبد من دون الله من العقلاء» .
والمعنى:قل- أيها الرسول الكريم- لهؤلاء الكافرين الذين أشركوا مع الله- تعالى- آلهة أخرى في العبادة. قل لهم على سبيل الإرشاد والتحدي:هذه الآلهة التي تعبدونها، اطلبوا منها أن تدفع عنكم ما نزل بكم من ضر كمرض أو فقر أو قحط أو أن تحوله منكم إلى غيركم ...
فإذا لم تستطع ذلك- وهي بكل تأكيد لا تستطيع ولن تستطيع- فاتركوا عبادتها، وأخلصوا العبادة والطاعة لمن هو على كل شيء قدير، وهو الله- عز وجل-.
واكتفى- سبحانه- بذكر كشف الضر، لأنه هو الذي تتطلع إليه النفوس عند نزول المصائب، أكثر من تطلعها إلى جلب النفع، إذ عند نزول الضر، لا تشتغل الألسنة والقلوب إلا برجاء كشفه.