وإن الأوثان التي يعبدونها ، والآلهة التي يقدسونها من ملك أو بشر أو جن لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا ، ولا يغيثون ، ولذا قال تعالى:
{ قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا ( 56 )} .
من صفات الربوبية القدرة المطلقة ، ولا يعبد إلا من يكون قادرا على كشف الضر ، والعرب كانوا يعرفون الله تعالى وأنه القادر وحده على كل شيء ، فكانوا يستغيثون به إذا أصابهم بأس في البر والبحر ، ويعتقدون أنه لا ينجيهم سواه ، وإذا مسهم ضر لا يلجأون إلا إليه كما قال:{ وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه . . .( 12 )} [ يونس] ولكنهم عند العبادة يعبدون مع الله غيره من الأوثان ، أو الملائكة ، أو عيسى كالصائبة ، والنصارى لا يعرفون المسيح على انه عبد خلقه الله .
لهذا يقول لهم:{ قل ادعوا الذين زعمتم من دونه} الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم يقول لهم{ ادعوا الذين زعمتم من دونه} ، أي زعمتم أنهم آلهة من دون الله سبحانه وتعالى:ادعوهم ساعة أن ينزل بكم الضر أو الشدة في البر أو البحر ، أو عندما يداهمكم ريح صرصر عاتية ،{ فلا يملكون كشف الضر عنكم} ، الفاء هنا للإفصاح ، لأنها تفصح عن شرط مقدر ما قبله وبعده بأن يزول عنكم أو تحويله لغيركم ، ولذا قال تعالى:{ ولا تحويلا} .
وإذا كانوا لا يستطيعون لكم جلب نفع ، ولا دفع ضر ، فكيف تعبدونهم ، والعجز ظاهر حالها ، وعجيب أمركم عبادتها مع هذا العجز .