قوله تعالى:{قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا ( 56 ) أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا ( 57 )} ( أولئك ) ،مبتدأ .و ( الذين ) ،صفته .و ( يدعون ) صلة الموصول .و ( الذين ) وصلته في موضع رفع صفة للمبتدأ .و ( يبتغون ) ،خبر المبتدأ .و ( أيهم ) مبتدأ ،( أقرب ) ،خبره{[2700]} والمعنى: أن الله يأمر نبيه محمدا ( ص ) بالقول للمشركين الذين يعبدون من دونه الأصنام والأنداد: ادعوا الذين تعبدون من دون الله وتزعمون أنهم آلهة .ادعوهم أن يكشفوا عنكم ما يحيق بكم من الضر والبلاء ،ثم انظروا ليستبين لكم أنهم لا يستطيعون دفع ذلك عنكم أو تحويله عنكم إلى غيركم .وإنما القادر على دفع الضر والبلاء عنكم أو تحويله إلى غيركم لهو الله وحده دون أحد من خلقه .
لا جرم أن يكون في ذلك درس للمسلمين في كل زمان ليعوه ويتدبروه فيستيقنوا أن كاشف الضر عنهم إنما هو الله وحده .فما ينبغي لهم بحال أن يعتمدوا على العباد كالرؤساء والكبراء والعظماء من الناس .ما ينبغي للمسلمين في كل الأحوال أن يركنوا إلى المخاليق في كشف ما يحيق بهم من النوائب والملمات .وإنما يركنوا إلى الله وحده بعد أن يتخذوا لذلك ما استطاعوا من الاستعداد والأسباب .