{قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ ولاَ تَحْوِيلاً 56 أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ويَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ويَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا 57}[ 56 57] .
في الآيتين عود على بدء في تحدي الكفار ،وتسفيه شركهم بالله ،فهي والحال هذه متصلة بالسياق الذي ما يزال يدير الكلام بعد مجموعة الوصايا على الكفار المشركين ويندد بهم ويحكي مواقفهم وأقوالهم .
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم فيها أن يقول لهممتحديا مسفها منذرا: ادعوا الذين تدعون من دون الله فإنكم إنما تدعون عبثا لأنهم لا يملكون كشف الضرّ عنكم ولا تحويلا له .وإنهم هم أنفسهم يتحرون الطريقة المثلى التي تقربهم إلى الله أكثر ويرجون رحمته ويخافون عذابه الذي ينبغي على خلق الله جميعهم خشيته والحذر منه .
ولقد تعددت الروايات التي يرويها المفسرون عن أهل التأويل في المقصود من جملة{من دون الله} البقرة [ 23] منها عن ابن مسعود أنهم نفر من الجن كان يعبدهم العرب فأسلموا ولم يعرف العرب إسلامهم فظلوا على عبادتهم إياهم فأنزل الله الآية .ومنها عن ابن عباس أنهم المسيح وأمه والعزيز والشمس والقمر .ومنها عن قتادة أنهم الملائكة .واستبعد الطبري المسيح وأمه والعزيز لأنهم غير موجودين وقت نزول الآية .ورجح رواية ابن مسعود ،ويتبادر لنا أن الكلام أوسع وأهم من نفر من العرب يعبدون نفرا من الجن أسلموا .فضلا عن أن إسلامهم لو صحّ هو إخبار غيبي ليس فيه حجة على العرب .ونرى القول: أنهم الملائكة هو الأصوب المتساوق مع السياق القريب الذي ذكر فيه عقيدة العرب بأن الملائكة بنات الله وأنهم شركاء مع الله .وكانوا يعبدونهم على سبيل الانتفاع بهم كما حكته آيات عديدة مرّ بعضها .