قوله عز وجل : { لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ الله وَرَسُولِهِ } . حدثنا عبدالله بن محمد قال : حدثنا الحسن قال : أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ الله وَرَسُولِهِ } أنّ ناساً كانوا يقولون لولا أُنزل في كذا . قال معمر : وكان الحسن يقول : " هم قوم ذبحوا قبل أن يصلّي النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمرهم أن يعيدوا الذبح " . قال أبو بكر : ورُوي عن مسروق أنه دخل على عائشة فأمرت الجارية أن تسقيه فقال : إني صائم ، وهو اليوم الذي يُشَكُّ فيه ، فقالت : " قد نُهي عن هذا " وتلت : { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ الله وَرَسُولِهِ } في صيام ولا غيره . قال أبو بكر : اعتبرت عموم الآية في النهي عن مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم في قول أو فِعْلٍ . وقال أبو عبيدة معمر بن المثنّى : " لا تَعْجَلوا بالأمْر والنهي دونه " .
قال أبو بكر : يُحتجُّ بهذه الآية في امتناع جواز مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم في تقديم الفروض على أوقاتها وتأخيرها عنها وفي تركها ، وقد يَحْتَجُّ بها من يوجب أفعال النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن في تَرْكِ ما فَعَلَهُ تقدماً بين يديه ، كما أن في ترك أمره تقدماً بين يديه . وليس ذلك كما ظنوا ؛ لأن التقدم بين يديه إنما هو فيما أراد منا فعله ففعلنا غيره ، فأما ما لم يثبت أنه مراد منه فليس في تركه تقديم بين يديه . ويحتج به نُفَاةُ القياس أيضاً ؛ ويدل ذلك على جهل المحتجّ به لأن ما قامت دلالته فليس في فعله تقدُّمٌ بين يديه ، وقد قامت دلالة الكتاب والسنّة والإجماع على وجوب القول بالقياس في فروع الشرع ، فليس فيه إذاً تقدم بين يديه .