الْآيَةُ الثَّامِنَةُ : قَوْله تَعَالَى : { يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ من النِّسَاءِ إنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } .
فِيهَا ثَمَانِ مَسَائِلَ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَوْلُهُ : { لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ من النِّسَاءِ } يَعْنِي فِي الْفَضْلِ وَالشَّرَفِ فَإِنَّهُنَّ وَإِنْ كُنَّ من الْآدَمِيَّاتِ فَلَسْنَ كَإِحْدَاهُنَّ ، كَمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ من الْبَشَرِ جِبِلَّةً ، فَلَيْسَ مِنْهُمْ فَضِيلَةً وَمَنْزِلَةً ، وَشَرَفُ الْمَنْزِلَةِ لَا يَحْتَمِلُ الْعَثَرَاتِ ، فَإِنَّ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ ، وَتُرْفَعُ مَنْزِلَتُهُ عَلَى الْمَنَازِلِ جَدِيرٌ بِأَنْ يَرْتَفِعَ فِعْلُهُ عَلَى الْأَفْعَالِ ، وَيَرْبُوَ حَالُهُ عَلَى الْأَحْوَالِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْله تَعَالَى : { فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ }
أَمَرَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُنَّ جَزْلًا ، وَكَلَامُهُنَّ فَصْلًا ، وَلَا يَكُونُ عَلَى وَجْهٍ يُحْدِثُ فِي الْقَلْبِ عَلَاقَةً بِمَا يَظْهَرُ عَلَيْهِ من اللِّينِ الْمُطْمِعِ لِلسَّامِعِ ، وَأَخَذَ عَلَيْهِنَّ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُنَّ مَعْرُوفًا ، وَهِيَ :
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قِيلَ : الْمَعْرُوفُ هُوَ السِّرُّ ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ مَأْمُورَةٌ بِخَفْضِ الْكَلَامِ . وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْمَعْرُوفِ مَا يَعُودُ إلَى الشَّرْعِ بِمَا أُمِرْنَ فِيهِ بِالتَّبْلِيغِ ، أَوْ بِالْحَاجَةِ الَّتِي لَا بُدَّ لِلْبَشَرِ مِنْهَا .