/م26
ثمّ قال تعالى تحقيراً للشيطان وتقوية لقلوب العباد المؤمنين السالكين درب التوحيد الخالص: ( قال هذا صراط عَلَيَّ مستقيم إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلاّ مَنْ اتبعك من الغاوين ) .
يعني ،يا إِبليس ليس لك القدرة على إِضلال الناس ،لكن الذين يتبعونك إِن هم إِلاّ المنحرفين عن الصراط المستقيم والمستجيبين لدواعي رغباتهم وميولهم .
وبعبارة أُخرى ..إِنّ الإنسان حر الإِرادة ،وإِنّ إِبليس وجنوده لا يقوون على أن يجبروا إِنساناً واحداً على السير في طريق الفساد والضلال ،لكنّه الإنسان هو الذي يلبي دعوتهم ويفتح قلبه أمامهم ويأذن لهم في الدخول فيه !
وخلاصة القول: إنّ الوساوس الشيطانية وإن كانت لا تخلو من أثر في تضليل وانحراف الإنسان ،إِلاّ أنّ القرار الفعلي للانصياع للوساوس أو رفضها يرجع بالكامل إلى الإنسان ،ولا يستطيع الشيطان وجنوده مهما بلغوا من مكر أن يدخلوا قلب إِنسان صاحب إِرادة موجهة صوب الإِيمان المخلص .
وأراد اللّه سبحانه بهذا القول نزع الخيال الباطل والغرور الساذج من فكر الشيطان من أنّه سيجد سلطة فائقة على الناس وبلا منازع ،يمكنه من خلالها إِغواء من يريد .
/خ44