/م14
ثمّ يضيف قائلا: ( وعلامات ) لأنّ الطريق لوحدها لا يمكنها أن توصل الإِنسان لمقصده دون وجود علامات فارقة ومميزات شاخصة يستهدي بها الإِنسان لسلك ما يوصله لمأربه ،ولذا ذكر هذه النعمة .
ومن تلك العلامات: شكل الجبال ،الأودية ،الممرات ،الارتفاع والانخفاض ،لون الأرض والجبال وحتى طبيعة حركة الهواء .
ولمعرفة ما لوجود هذه العلامات من أهمية ،يكفينا أن نلقي نظرة إلى حال الصحاري الواسعة ذات الصفة الواحدة الموجودة في بعض مناطق العالم ،حيث عملية التنقل فيها أمر صعب مستصعب إلى حد كبير ،إِضافة لخطورته الكبيرة ،وكم هناك من مسافر دخل فيها ولم يعد ...
فلو كان سطح الأرض كله على شاكلة الصحاري ،كأن تكون الجبال كلها بشكل وحجم واحد ،وحقولها بلون واحد ،وأوديتها متشابهة تماماً ..فهل كان من اليسير على الإِنسان أن يسير عليها ؟!
وأمّا في حال عدم تشخيص هذه العلامات بسبب ظلمة الليل في أيّ من سفر البر أو البحر ،فقد جعل اللّه تعالى علامات في السماء تعوض عن علامات الأرض في تلك الحال: ( وبالنجم هم يهتدون ) .
بطبيعة الحال فهذه إِحدى الفوائد الجمة للنجوم ،ولو لم يكن لها سوى هذه الفائدة لكان كافياً لوجودها ،خصوصاً في زمن لا أسطرلاب فيه ولا مؤشرات قطبية تعين السفن في تحديد مسيرها وفق خرائط أعدت لذلك الغرض ،وقديماً كانت الرحلات تتوقف إِذا ما غطيت السماء بالسُّحب وتلبدت بالغيوم ،ومَنْ يجرؤ على تكملة السفر فسيواجه خطر الموت .
وكما هو معلوم اليوم ،فإنّ النجوم التي تبدو لنا متحركة في السماء عبارة عن خمسة كواكب ،ويطلق عليها اسم السيارات ،والسيارات أكثر من خمسة ،إِلاّ أنّ البقية لا يمكن تشخيصها بالعين المجرّدة بسهولة ،أمّا بقية النجوم فإِنّها تحتفظ بمكانها النسبي ،وكأنّها لآليء خيطت على قطعة قماش أسود ،وهذه القطعة كأنّها تسحب من إِحدى جهاتها فتتحرك بكاملها .
وبعبارة أُخرى: إِنّ حركة النجوم الثوابت جمعية ،وحركة السيارات إنفرادية ،حيث تتغير المسافات بينها وبين الثوابت باستمرار .
إِضافة لذلك ،فالنجوم الثوابت تشكل فيما بينها أشكالا معينة تعرف ب ( الصور الفلكية ) ولها الأثر الكبير في معرفة الاتجاهات الأربعة ( الشمال ،الجنوب ،الشرق ،والغرب ) .
/خ18