فاستجاب الله دعاؤه كما تقول الآية التالية: ( فنجّيناه وأهله أجمعين إلاّ عجوزاً في الغابرين ){[2952]} .
وهذه العجوز لم تكن سوى زوج النّبي لوط التي كانت منسجمة مع أفكار قومه الضالين وعقيدتهم ،ولم تؤمن بلوط أبداً ،ولذلك ابتليت بما أُبتلي به قومه من العذاب والهلاك .
وقد بيّنا تفصيل هذا الموضوع في ذيل الآيات «8183 من سورة هود » .
أجَلْ ،لقد نجّى الله لوطاً والمؤمنين القلّة معه ،فأمر أن يخرج بهم ليلا من تلك المدينةأو القريةفترك قومه الغارقين بالفسق والفجور على حالهم ،فنزل عذاب الله في الغداة ،فتزلزلت بهم الأرض وانهارت عليهم الأبنية والقصور الجميلة حتى أصبح عاليها سافلها وهلكوا جميعاً في ديارهم ،وقد عبّر القرآن عن كل ذلك بعبارة موجزة بليغة ،فقال: ( ثمّ دمرنا الآخرين ) ولم يكف ذلك بل ( وأمطرنا عليهم مطراً ) وأيّ مطر !إنّه وابل من أحجار نزل على تلك الخرائب ليمحو أثرها من الأنظار .( فساء مطر المنذرين ) !...
والأمطار عادة تمنح الحياة ،إلاّ أن هذا المطر كان موحشاً مهلكاً مخرّباً ...
ويستفاد من الآية ( 82 ) من سورة هود أن قرى قوم لوط ومدنهم قُلب عاليها سافلها أوّلا ،ثمّ أمطرت بالحجر النضيد المتراكم ،ولعله كان إمطارهم بالحجارة لمحوا آثارهم ،فلم يبق منها غير تل كبير من الأحجار والتراب بدل تلك المدن العامرة ...
تُرى هل كانت هذه الأحجار قد حملت من الصحارى على أثر إعصار عظيم وسقطت على رؤوسهم ؟أو هي أحجار نزلت من السماء بأمر من الله عليهم ؟!
أو كما يقول بعض المفسّرين كان هناك بركان أو جبل نار قد خمد لفترة ،ثمّ انفجر بأمر الله فأمطرهم بالحجارة ،ليس ذلك معلوماً على نحو الدقّة !إلاّ أن من المسلّم به أنّ هذه الأحجارأو هذا المطر المهلكلم يترك للحياة في تلك الأرض من أثر !
«وتفصيل هذا الموضوع ذكرناه في ذيل الآيات 8183 من سورة هود ،كما ذكرناه في الجزء الثامن مع «لطائف » مختلفة فلا بأس بمراجعتها » ...