ثمّ يضيف القرآن ( يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون ){[3185]} .
يمكن أن تكون هذه الآية توضيحاً لإحاطة عذاب جهنّم في يوم القيامة بالكفار ،ويمكن أن تكون بياناً مستقلا لذلك العذاب الأليم لهم الذي يحيط بهم اليوم على أثر أعمالهم ،وفي غد يتجلى هذا العذاب بوضوح ويكون محسوساً ظاهراً .
وعلى كل حال فذكره لإحاطة العذاب ( من فوقهم ومن تحت أرجلهم ) وعدم ذكره لبقية الجهاتفي الحقيقةهو لوضوح المطلب ،وإضافة إلى ذلك فإن نار العذاب اذا امتدت ألسنتها من تحت الأرجل ونزلت على الرؤوس ،فإنها تحيط بجميع البدن أيضاً وتغشى جميع أطرافه وجوانبه .
وأساساً فإنّ هذا التعبير مستعمل في اللغة العربية ،إذ يقال مثلا: إن فلاناً غارق من قرنه إلى قدمه في مستنقع الفسق وعدم العفة ،أي إن جميع وجوده غارق في هذا الذنب ،وبهذا يرتفع الإشكال عند المفسّرين في ذكر القرآن للجهة العليا «من فوقهم » والجهة السفلى «من تحتهم » والسكوت عن الجهات الأربع الأُخرى ،ويتّضح المراد منه بالتقرير الذي بيّناه !
أمّا جملة ( ذوقوا ما كنتم تعملون ) التي يظهر أن قائلها هو الله تعالى ،فهي بالإضافة إلى أنّها نوع من العقوبة النفسية لمثل هؤلاء الأشخاص ،فهي كاشفة عن هذه الحقيقة ،وهي أن عذاب الله ليس إلاّ انعكاساً للأعمال التي يقوم بها الإنسان نفسه في النشأة الآخرة !.
/خ55