/م113
التّفسير:
الإسلام وخصيصة البحث عن الحقّ:
بعد كلّ ذلك الذم لليهود ،الذي تضمنته الآيات السابقة بسبب مواقفهم المشينة وأفعالهم الذميمة نجد القرآنكما هو شأنه دائماًيراعي جانب العدل والإنصاف ،فيحترم كلّ من تنزه عن ذلك السلوك الذميم الذي سار عليه اليهود ،ويعلن بصراحة أنه لا يعمم ذلك الحكم ،وإنه لا يمكن النظر إلى الجميع بنظرة واحدة دون التفريق بين من أقام على تلك الفعال ،وبين من غادرها وطلب الحقّ ،ولهذا يقول: ( ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون ){[644]} .
أجل ليس أهل الكتاب سواء ،فهناك جماعة تطيع الله وتخافه ،وتؤمن به وتهابه ،وتؤمن بالآخرة وتعمل لها ،وتقوم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وبهذا يتورع القرآن الكريم عن إدانة العنصر اليهودي كافة ،بل يركز على أفعالهم وأعمالهم وممارساتهم ،ويحترم ويمدح كلّ من انفصل عن أكثريتهم الفاسدة ،وخضع للحقّ والإيمان ،وهذا هو أُسلوب الإسلام الذي لا يعادي أحداً على أساس اللون والعنصر ،بل إنما يعاديه على أساس اعتقادي محض ،ويكافحه إذا كانت أعماله لا تنطبق مع الحقّ والعدل والخير ،لا غير .