وتجسّد الآية الأخيرة من الآيات مورد البحث مقام المؤمنين وثوابهم بأروع تجسيد وأقصر عبارة ،فتقول: ( تحيّتهم يوم يلقونه سلام ) .
«التحيّة » من مادّة «حياة » ،وهي تعني الدعاء لسلامة وحياة اُخرى .ولمزيد التوضيح راجع التّفسير الأمثل ذيل الآية ( 85 ) من سورة النساء .
هذا السلام يعني السلامة من العذاب ،ومن كلّ أنواع الألم والعذاب والمشقّة ،سلام ممتزج بالهدوء والإطمئنان .
ومع أنّ بعض المفسّرين يعتقد أنّ «تحيتهم » إشارة إلى سلام المؤمنين وتحية بعضهم بعضاً ،إلاّ أنّ ملاحظة الآيات السابقة التي كان الكلام فيها عن الصلاة ورحمة الله والملائكة في هذه الدنيا ،تُظهر أنّ هذه التحية أيضاً من الملائكة في الآخرة ،كما نقرأ ذلك في الآية ( 23 ) من سورة الرعد: ( والملائكة يدخلون عليهم من كلّ باب سلام عليكم بما صبرتم ) .
ممّا قلناه اتّضح بصورة ضمنية أنّ المراد من جملة ( يوم يلقونه ) هو يوم القيامة الذي سمّي بيوم «لقاء الله » ،وهذا التعبير يستعمل عادةً في القرآن بهذا المعنى .
بعد هذه التحيّة ،التي ترتبط ببداية الأمر ،أشارت الآية إلى نهايته فقالت: ( وأعدّ لهم أجراً كريماً ) .
إنّها جملة جمع فيها كلّ شيء على اختصارها ،وأخفيت فيها كلّ النعم والمواهب .
/خ44