كيف يستطيعون الآن وبعد أن انتهى كلّ شيء ،أن ينبروا لجبران خطاياهم ويؤمنوا ،في حين أنّهم قبل هذا كفروا مع أنّهم كانوا يتمتّعون بالإختيار والإرادة: ( وقد كفروا به من قبل ) .
ولم يكتفوا بالكفر فقط ،بل إنّهم ألصقوا بالرّسول ( صلى الله عليه وآله ) وبتعاليمه مختلف أنواع التّهم ،وحكموا أحكاماً خاطئة فيما يخصّ ( عالم الغيبوالقيامةوالنبوّة ): ( ويقذفون بالغيب من مكان بعيد ) .
«القذف »كما قلناالرمي من بعيد ،و «الغيب » هو عالم ما وراء الحسّ ،والجملة كناية لطيفة عمّن يطلق أحكامه على عالم ما وراء الطبيعة بلا سابق علم أو معرفة ،كمن يرمي شيئاً من نقطة بعيدة ،فقلّما يصيب الهدف ،فظنونهم وأمانيهم وأحكامهم لا تصيب أهدافها أيضاً .فقد عدّوا الرّسول ( صلى الله عليه وآله ) ( ساحراً ) حيناً ،وحيناً ( مجنوناً ) وآخر ( كذّاباً ) ،وحيناً اعتبروا القرآن «نتاجاً فكرياً بشرياً » .ومرّة أنكروا الجنّة والنار والقيامة بشكل كلّي ،كلّ هذه أنواع «للرجم بالغيب » أو «اصطياد الطيور في ظلام الليل » أو بعبارة اُخرى «القذف من مكان بعيد » .