الآيات:
التّفسير:
آيات اُخرى !!
ممّا مرّ بحثه في الآيات السابقة حول جهاد الرسل ضدّ الشرك وعبادة الأوثان ،وكذلك التعرّض إلى مسألة المعاد في الآية الأخيرة من المقطع السابق ،توضّح الآياتمورد البحثمسألتي التوحيد والمعاد معاً لإيقاظ المنكرين لهاتين المسألتين ودفعهم إلى الإيمان .
تتعرّض الآية الاُولى إلى قضيّة إحياء الأرض الميتة والبركات التي تعود على الإنسان من ذلك فتقول:{وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبّاً فمنه يأكلون}{[3686]} .
قضيّة الحياة والبقاء من أهمّ دلائل التوحيد ،وهي قضيّة في واقعها معقّدة ومليئة بالألغاز وباعثة على الدهشة ،إذ أنّها حيّرت عقول العلماء جميعاً ،فبرغم التطور والتقدّم الحاصل في وسائل الدراسة وفي العلوم بشكل عام ،لا زال الكثير من الأسرار تنتظر الحلّ !وحتّى الآن لم يُعلم تحت تأثير أي العوامل تتحوّل موجودات ميتة إلى خلايا حيّة ؟
حتّى الآن ،لم يعرف كيف تتكوّن طبقات خلايا البذور ؟وما هي القوانين المعقدّة التي تحكمها ؟بحيث أنّها بمجرد توفّر الشرائط المساعدة تبدأ بالتحرّك والنمو والرشد .وتستلّ من ذرّات التراب الميتة وجودها ،وبهذا الطريق تتحوّل الموجودات الميتة إلى أنسجة موجودات حيّة فتعكس في كلّ يوم مظهراً مختلفاً من مظاهر حياتها ونموّها .
قضيّة الحياة في عالم النباتات والحيوانات وإحياء الأرض الميتة تعتبر من جانب دليلا على وجود معلومات وقوانين دقيقة سخّرت في خلق ذلك العالم ،ومن جانب آخر تعتبر دليلا على البعث بعد الموت .
ومن الواضح أنّ الضمير في{لهم} يعود على كلمة «العباد » التي ورد ذكرها في الآيات السابقة ،والمقصود من{العباد}هنا هم: جميع الذين وقعوا في خطأً في تقدير مسألة المبدأ والمعاد ،والذي عدّ القرآن الكريم وضعهم باعثاً على الحسرة والأسف .
تنكير{ية} ،إشارة إلى عظمة وأهميّة ووضوح تلك الآية التوحيدية .
جملة{فمنه يأكلون} إشارة من جانب إلى أنّ الإنسان يستفيد من بعض بذور النباتات للتغذية ،بينما بعضها غير قابل للأكل ،ولكن له فوائد اُخرى كتغذية الحيوانات ،وصناعة الأصباغ ،والأدوية ،والأمور الاُخرى التي لها أهميّة في حياة الإنسان .
ومن جانب آخر فإنّ تقديم{منه} على{يأكلون} والذي يدلّ عادةً على الحصر ،هو لبيان أنّ أكثر وأفضل تغذية للإنسان هي من المواد النباتية إلى درجة أنّه يمكن القول أنّ جميع غذاء الإنسان يتشكّل منها .