ومن الواضح انّ ذلك إذا اعتبرنا «منها » في كلا الجملتين «للتبعيض الإفرادي » ،أمّا لو اعتبرنا الاُولى «للتبعيض الافرادي » والثانية «للتبعيض الأجزائي » يكون معنى الآية ( بعض الحيوانات تنتخب للركوب وينتخب جزء من أجسامها للتغذية ( إذ أنّ العظام وأمثالها غير قابلة للأكل ) .
6( لهم فيها منافع ) إشارة إلى فوائد الحيوانات الكثيرة الاُخرى التي تتحقّق للإنسان ،ومن جملتها الأصواف والأوبار التي تصنع منها مختلف الملابس والخيم والفرش ،والجلود التي تصنع منها الحقائب والملابس والأحذية ووسائل اُخرى مختلفة ،وحتّى في عصرنا الحاضر الذي تميّزت فيه الصناعات التقليدية من منتجات الطبيعة لا زال الإنسان في مسيس الحاجة إلى الحيوانات من حيث التغذية ومن حيث الفوائد الاُخرى كالألبسة ووسائل الحياة الاُخرى .وحتّى بعض أنواع الأمصال واللقاحات ضدّ الأمراض التي يستفاد فيها من دماء بعض الحيوانات ،بل حتّى أنّ أتفه الأشياء الحيوانية وهي روثها أصبح ومنذ وقت طويل مورد استفادة الإنسان لتسميد المزارع وتغذية النباتات المثمرة .
7( مشارب ) إشارة إلى الحليب الذي يؤخذ من تلك الدواب ويؤمّن مع منتجاته قسماً مهمّاً من المواد الغذائية للإنسان ،بشكل أضحت فيه صناعة الحليب ومنتجاته تشكّل اليوم رقماً مهمّاً في صادرات وواردات الكثير من الدول ،ذلك الحليب الذي يشكّل غذاء للإنسان ،ويخرج من بين دم وفرث لبناً سائغاً يلتذّ به الشاربون ،ويكون عاملا لتقوية الضعفاء .
8جملة ( أفلا يشكرون ) جاءت بصيغة الاستفهام الاستنكاري ،وتهدف إلى تحريك الفطرة والعواطف الإنسانية لشكر هذه النعم التي لا تحصى ،والتي ورد جانب منها في الآيات أعلاه ،وكما نعلم فإنّ «لزوم شكر المنعم » أساس لمعرفة الله ،إذ أنّ الشكر لا يمكن أن يكون إلاّ بمعرفة المنعم ،إضافةً إلى أنّ التأمّل في هذه النعم وإدراك أنّ الأصنام ليس لها أدنى تأثير أو دخل فيها ،سيؤدّي إلى إبطال الشرك .
/خ76