والأنكى من ذلك ،أنّهم كلّما شاهدوا معجزة من معجزاتك ،لا يكتفون بالاستهزاء ،وإنّما يدعون الآخرين للاستهزاء أيضاً ( وإذا رأوا آية يستسخرون ) .
ملاحظتان
1يعتقد بعض المفسّرين أنّ عبارة «يستسخرون » تعني «يسخرون » ،ولا يوجد أي فرق بين العبارتين .في حين يؤكّد البعض الآخر على وجود اختلاف بين المعنيين ،بقولهم: إنّ «يستسخرون » جاءت من باب إستفعال ،وتعني دعوة الآخرين إلى المشاركة في الاستهزاء ،وتشير إلى أنّهم لم يكتفوا لوحدهم بالاستهزاء بآيات القرآن المجيد ،وإنّما سعوا لإشراك الآخرين في ذلك ،كي تصير المسألة عامّة في المجتمع .
والبعض يعتبر هذا الاختلاف توكيد أكثر يستفاد من عبارة ( يستسخرون ) .
فيما فسّر البعض الآخر هذه العبارة بأنّها «الاعتقاد بكون الشيء مثيراً للسخرية » ،ويعني أنّهم نتيجة انحرافهم الشديد كانوا في قرارة أنفسهم يعتقدونتماماًأنّ هذه المعجزات ليست أكثر من سخرية ،ولكن المعنى الثاني يعدّ أكثر مناسباً من غيره .
2عزا بعض المفسّرين سبب نزول هذه الآية إلى قضيّة مفادها أنّ «ركانة » رجل من المشركين من أهل مكّة ،لقيه الرّسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في جبل خال يرعى غنماً له ،وكان من أقوى الناس ،فقال له: يا ركانة أرأيت إنّ صرعتك أتؤمن بي ؟
قال: نعم .فصرعه ثلاثاً ،ثمّ عرض عليه بعض الآيات ودعا عليه الصلاة والسلام شجرة فأقبلت ،فلم يؤمن وجاء إلى مكّة فقال: «يا بني هاشم ساحروا بصاحبكم أهل الأرض » .فنزلت فيه وفي أضرابه هذه الآية .