ونظراً لاستخفافهم بهذا التحذير ( فقد نادوا أحد أصحابهم حيث تصدّى للناقة وقتلها ) يقول الله سبحانه: ( فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر ) .
ويمكن أن يكون المراد ب ( صاحب ) أحد رؤساء ثمود ،وكان أحد أشرارهم المعروفين ويعرف في التاريخ ب ( قدارة بن سالف ){[4874]} .
و ( تعاطى ) في الأصل بمعنى تناول الشيء ،أو تبنّى الموضوع وتقال أيضاً عند إنجاز الأعمال المهمّة والخطيرة وكذلك الأعمال الشاقّة ،أو العمل المقابل بعوض .
كلّ هذه التفاسير تجمّع في الآية مورد البحث ،لأنّ الإقدام على القتل يستدعي جرأة وخسارة كبيرة ،كما أنّه عمل شاقّ ،وكذلك يستلزم اُجرة في الغالب .
( عَقَرَ ) من مادّة ( عقر ) على وزن ( ظلم ) وفي الأصل بمعنى الأساس والجذر ،وإذا استعمل هذا المصطلح بخصوص الناقة فإنّه يعني القتل والنحر .
والجدير بالذكر أنّ قتل الناقة نسب لشخص واحد في هذه الآية ،في الوقت الذي يلاحظ نسبة القتل في سورة ( الشمس ) لقوم ثمود جميعاً حيث يقول سبحانه: ( فعقروها ) ،ويمكن تعليل هذا الأمر بأنّ فعل الشخص القاتل كان نيابة عن الجميع وبرضاهم ،وكما نعلم فإنّ الذي يرضى بفعل قوم يكون شريكاً لهم فيه{[4875]} .
وجاء في بعض الرّوايات أنّ ( قدارة ) كان قد شرب مسكراً ،وقد أقدم على هذا العمل القبيح والجناية الكبيرة وهو في هذه الحالة .
وفي طريقة قتل الناقة أقوال كثيرة ،حيث يذهب البعض إلى أنّ قتلها كان بالسيف ،ويقول البعض الآخر: إنّ ( قدارة ) قد نصب لها كميناً وراء صخرة وضربها بالسهم أوّلا ثمّ هجم عليها بالسيف .