ثمّ يشير سبحانه إلى رابع وخامس قسم من النعم المادية التي وهبها الله للمقرّبين في الجنّة ،حيث يقول سبحانه: ( وفاكهة ممّا يتخيّرون ){[4988]} ( ولحم طير ممّا يشتهون ) .
إنّ تقديم الفاكهة على اللحم بلحاظ كون الفاكهة أفضل من الناحية الغذائية بالإضافة إلى نكهتها الخاصّة عند أكلها قبل الطعام .
والذي يستفاد من بعض الرّوايات أنّ غصون أشجار الجنّة تكون في متناول أيدي أهل الجنّة ،بحيث يستطيعون بكلّ سهولة أن يتناولوا أي نوع من الفاكهة مباشرة ،وهكذا الحال بالنسبة لبقيّة الأغذية الموجودة في الجنّة .إلاّ أنّ ممّا لا شكّ فيه أنّ تقديم الغذاء من قبل ( الولدان المخلّدين ) له صفاء خاصّ ولطف متميّز حيث أنّ تقديم الطعام يعبّر عن مزيد الاحترام والإكرام لأهل الجنّة ،وتضفي رونقاً وبهاءً أكثر على مجالس أُنسهم .ومن المتعارف عليه اجتماعيا بيننا أنّ تقديم الفاكهة وتقريبها من الضيوف من قبل المضيف نفسه يعبّر عن التقدير والمحبّة والاحترام .
وخصّت لحوم الطيور بالذكر هنا لفضلها على بقيّة أنواع اللحوم ،لذا فقد تكرّر ذكرها .
إنّ استعمال تعبير «يتخيّرون » بالنسبة ل ( الفاكهة ) ويشتهون بالنسبة ل ( اللحوم ) لا يدلّل على وجود اختلاف بين التعبيرين كما ذهب إليه بعض المفسّرين ،بل هما بمعنى واحد بعبارتين مختلفتين ،والمقصود بهما أنّ أي غذاء يشتهيه أهل الجنّة يوضع باختيارهم من قبل ( الولدان المخلّدين ) .