/م159
إنَّ هذه الآية قد تشير إلى فريق صغير لم يسلّموا للسامريّ ودعوته ،وكانوا يدافعون عن دين موسى دائماً وأبداً ،أو إلى الفرق والطوائف الصالحة الأُخرى التي جاءت بعد موسى( عليه السلام ) .
ولكن هذا المعنى يبدو غير منسجم مع ظاهر الآية ،لأن «يهدون » و«يعدلون » فعل مضارع ،وهو على الأقل يحكي عن زمان الحال ،يعني عصر نزول القرآن ،ويثبت وجود مثل هذا الفريق في ذلك الزمان ،إلاّ أن نقدّر فعل «كان » فتكون الآية إشارة إلى الزمان الماضي ،ونعلم أن التقدير من دون قرينة خلاف الظاهر .
وكذلك يمكن أن يكون ناظراً إلى الأقلية اليهودية الذين كانوا يعيشون في عصر رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) والذين اعتنقوا الإسلام تدريجاً وبعد مطالعة دعوة النّبي ومحتوى رسالته ،وانضموا إلى صفوف المسلمين الصادقين .وهذا التّفسير ينسجم أكثر مع ظاهر الفعلين المضارعين المستعملين فيها .
وما جاء في بعض روايات الشيعة والسنة من أنّ هذه الآية إشارة إلى فريق صغير من بني إسرائيل يعيشون فيما وراء الصين ،عيشة عدل وتقوى وتوحيد وعبودية الله تعالى فغير مقبول ،لأنّه مضافاً إلى عدم موافقته لما نعلمه من جغرافيا العالم اليوم ،ومضافاً إلى أن التواريخ الحاضرة الموجودة لا تؤيد هذا الموضوع ،فإنّ الأحاديث المذكورة غير معتبرة من حيث السند ،ولا يمكن أن يُعتمد عليها كأحاديث صحيحة حسب قواعد علم الرجال .