ودفعاً لما يتبادر إلى الأذهان من تبعات شراب الدنيا الشيطاني ،يقول القرآن: ( لا يسمعون فيها لغواً ولا كذّاباً ) .
إنّ شراب الدنيا .. يُذهب العقل ،يفقد الإحساس ،يوقع شاربه بالهذيان واللغو ..وأمّا شراب الآخرة فنفحاته الطاهرة تضفي على العقل والروح نوراً وصفاء .
وثمّة احتمالات بخصوص ضمير «فيها » .
الأوّل: إنّه يعود إلى الجنّة .
الثّاني: إنّه يعود إلى الكأس .
فعلى الاحتمال الأوّل ،يكون معنى الآية إنّ أهل الجنّة لا يسمعون فيها لغواً ،كما جاء في الآيتين ( 10 و 11 ) من سورة الغاشية: ( في جنّة عالية لا تسمع فيها لاغية ) .
وعلى الاحتمال الثّاني ،يكون معنى الآية: إنّه سوف لا يصدر اللغو والهذيان والكذب من أهل الجنّة بعد شرابهم ما في كأس الجنّة من شراب ،كما جاء في الآية ( 23 ) من سورة الطور: ( يتنازعون فيها كأساً لا لغو فيها ولا تأثيم ) .
وعلى أيّة حال ،فالجنّة خالية من: الأكاذيب ،الهذيان ،التهم ،الافتراءات ،تبرير الباطل ،بل وكلّ ما كان يؤذي قلوب المتقين في الحياة الدنيا ..إنّها الجنّة !وخير تصوير لها ما جاء في الآية ( 62 ) من سورة مريم: ( لا يسمعون فيها لغواً إلاّ سلاماً ) .
/خ37