وفي آخر المطاف يذكر القرآن الكريم تلك النعمة المعنوية التي تفوق كلّ النعم علوّاً: ( جزاءً من ربّك عطاءً حساباً ){[5747]} .
وأيّة بشارة ونعمة أسمى وأجل ،من أن أكون وأنا العبد الضعيف ،موضع ألطاف وإكرام اللّه جلّ وعلا ،فيطعمني ويكسوني ويغرف عليّ بنعمه التي لا تحصى عدداً ولا تضاهى حبّاً وكرماً ،فطوبى للمؤمنين في دار الخلد وهم منعمون بكل ما لذّ وطاب .
والتعبير بكلمة «ربّ » مع ضمير المخاطب ،وكلمة «عطاء » ،لتبيان ما أودع من لطف خاص في النعم التي وعِدَ بها أهل التقوى .
«حساباً »: يعتقد الكثير من المفسّرين إن معناها هنا ( كافياً ): من أحسبه الشيء إذا كفاه حتى قال حسبي{[5748]} .
وروي عن أمير المؤمنين( عليه السلام ) أنّه قال: «حتى إذا كان يوم القيامة حسب لهم حسناتهم ثمّ أعطاهم بكل واحدة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ،قال اللّه عزّ وجلّ: ( جزاء من ربّك عطاءً حساباً ) »{[5749]} .
ونستفيد من الرواية المذكورة أنّ نعم اللّه في الآخرة وإن كانت بصفة الفضل .واللطف والزيادة ،إلاّ أن مقدمتها الأعمال الصالحة التي يقوم بها الإنسان في حياته الدنيا ،وعليه ..فيمكن تفسير «حساباً » في الآية بمعنى ( الحساب ) ،ولا مانع من إرادة كلا المعنيينفتأمل .
/خ37