ونصل لآخر وصف شراب الأبرار في الجنّة: ( ومزاجه من تسنيم ) أي أنّه ممزوج بالتسنيم ،( عيناً يشرب بها المقرّبون ){[5872]} .
ومن خلال الآيتين أعلاه ،يتّضح لنا بأنّ «التسنيم » هو أشرف شراب في الجنّة ،و«المقرّبون » يشربون منه بشكل خالص ،فيما يشربه «الأبرار » ممزوجاً بالرحيق المختوم .
أمّا وجه تسمية ذلك الشراب أو العين ب «تسنيم » ،( علماً بأنّ التسنيم في اللغة هو عين ماء يجري من علو إلى أسفل ) ،فقد قال البعض فيه: إنّه شراب خاص موجود في الطبقات العليا من الجنّة ..وقال آخرون: إنّه نهر يجري في الهواء فينصب في أواني أهل الجنّة .
والحقيقة ،فللجنّة ألوان من الأشربة ،منها ما يجري على صورة أنهار ،كما تشير إلى ذلك آيات قرآنية كثيرة{[5873]} ،ومنها يُقدّم في كؤوس مختومة ،كما في الآيات أعلاه ،ويأتي أل «تسنيم » في قمّة أشربة الجنّة ،وله من العطاء على روح شاربه ما لا يوصف بوصف أبداً .
ونعود لنكرر القول مرّة أخرى: إنّ حقيقة النعم الإلهية في عالم الآخرة لا يمكن لأيّ كان من أن يتكلم عنها بلسان أو يوصفها بقلم أو يتصورها في ذهن ،وكلّ ما يقال عنها لا يتعدى عن كونه صوراً تقريبية على ضوء ما يناسب محدودية الإنسان .
والآية ( 17 ) من سورة السجدة: ( فلا تعلم نفس ما اُخفى لهم من قرّة عين )خير دليل على ذلك .