( والليل وما وسق ) ،أي: وما جمع .
( والقمر إذا اتسق ) ،أي: إذا اكتمل .
( لتركبُنّ طبقاً عن طبق ) .
«لا » في «لا اُقسم »: زائدة ،وجاءت للتأكيد .
وثمّة مَن اعتبرها ( نافية ) ،أي: لا اُقسم ،لأنّ الأمر من الوضوح ما لا يحتاج فيه إلى قسم ،أو أنّ القسم بهذا الموضوع لا يليق وأهميته ،أو أنّ ما اُقسم به من الأهمية بحيث يليق أنّ لا يقسم به .
إلاّ أنّ الأوّل ( كونها زائدة جاءت للتأكيد ) أقرب من البقية .
«الشفق »: اختلاط ضوء النهار بسواد الليل عند غروب الشمس ،و( الإشفاق ): عناية مختلطة بخوف ،لأنّ ( المشفق ) يحب المشفق عليه ويخاف ما يلحقه{[5887]} .
ويقول الفخر الرازي: تركيب لفظ «الشفق » في أصل اللغة لرقّة الشيء ،ومنه يقال: ثوب شفق ،كأنّه لا تماسك له لرقته ،و( الشفقة ): رقة القلب .
( والظاهر أنّ قول الراغب أقرب للصواب ) .
وعلى أيّة حال ،ف «الشفق » هو وقت الغروب ،وقد اُختلف في تعيين وقته ما بين الحمرة التي تظهر في الأفق الغربي عند بداية الليل ،وبين ما يظهر بعد الحمرة من بياض ،والمشهور بين العلماء والمفسّرين هو التعيين الأوّل ،وهو المستعمل على لسان الأدباء أيضاً حيث يشبهون دماء الشهداء بالشفق .
إلاّ أنّ البعض اختار التعيين الثّاني ،على ما يبدو عليه من ضعف ،وخصوصاً إذا ما اعتبرنا ( الرّقة ) هي الأصل اللغوي للكلمة ،حيث أنّها ستتناسب مع الحمرة الخفيفة الرقيقة دون الثّاني .
وعلى أية حال ،فقد جاء القسم بالشفق للفت الأنظار إلى ما في هذه الظاهرة السماوية الجميلة من معان ،فمنه تُعلن حالة التحول العام من النهار إلى الليل ،إضافة لما يتمتع به من بهاء وجمال ،وكونه وقت صلاة المغرب .
وأمّا القسم بالليل ،فلما فيه من آثار كثيرة وأسرار عظيمة ( وقد تناولنا ذلك مفصلاً ){[5888]} .
«ما وسق »{[5889]}: إشارة إلى عودة الإنسان والحيوانات والطيور إلى مساكنها عند حلول الليل ( بلحاظ كون الوسق بمعنى جمع المتفرق ){[5890]} ،فيكون عندها سكناً عاماً للكائنات الحيّة ،وهو من أسرار وآثار الليل المهمّة ،كما أشارت الآية ( 61 ) من سورة غافر إلى ذلك: ( اللّه الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه ) .
/خ25