قوله تعالى{فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين} .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله:{فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين} ،يقول: لم يكن هذا في الأمم قبلهم ،لم ينفع قرية كفرت ثم آمنت حين حضرها العذاب ،فتركت ،إلا قوم يونس ،لما فقدوا نبيهم وظنوا أن العذاب قد دنا منهم ،قذف الله في قلوبهم التوبة ،ولبسوا المسوح ،وفرقوا بين كل بهيمة وولدها ،ثم عجوا إلى الله أربعين ليلة .فلما عرف الله الصدق من قلوبهم والتوبة والندامة على ما مضى منهم ،كشف الله عنهم العذاب بعد أن تدلى عليهم قال: وذكر لنا أن قوم يونس كانوا بنينوى أرض الموصل .
قال ابن كثير: واختلف المفسرون هل كشف عنهم العذاب الأخروي مع الدنيوي أو إنما كشف عنهم في الدنيا فقط ؟على قولين:
( أحدهما ) إنما كان ذلك في الحياة الدنيا كما هو مقيد في هذه الآية .
( والثاني ) فيهما لقوله تعالى{وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون .فآمنوا فمتعناهم إلى حين} فأطلق عليهم الإيمان .والإيمان منقذ من العذاب الأخروي وهذا هو الظاهر والله أعلم .
قال الشيخ الشنقيطي: ظاهر هذه الآية الكريمة أن إيمان قوم يونس ما نفعهم إلا في الدنيا دون الآخرة ،لقوله:{كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا} ويفهم من مفهوم المخالفة في قوله{في الحياة الدنيا} أن الآخرة ليست كذلك ،ولكنه تعالى أطلق عليهم إسم الإيمان من غير قيد في سورة"الصافات "والإيمان منقذ من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ،كما أنه بيّن في"الصافات "أيضا كثرة عددهم وكل ذلك في قوله تعالى:{وأرسلناه إلى مئة ألف أو يزيدون فآمنوا فمتعناهم إلى حين} .