قوله تعالى{وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا}
أخرج مسلم بسنده عن زينب بنت جحش أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ وهو يقول:"لا إله إلا الله "،ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه ".وعقد سفيان بيده عشرة قلت: يا رسول الله !أنهلك وفينا الصالحون ؟قال: نعم ،إذا كثر الخبث ".
( الصحيح-الفتن وأشراط الساعة ،ب اقتراب الفتن-رقم 2880 ) .
قل الشيخ الشنقيطي: في هذه الآية الكريمة سؤال معروف ،وهو أن يقال: أن الله أسند الفسق فيها لخصوص المترفين دون غيرهم في قوله:{أمرنا مترفيها ففسقوا فيها} مع أنه ذكر عموم الهلاك للجميع المترفين وغيرهم في قوله{فحق عليها القول فدمرناها تدميرا} يعني القرية ولم يستثن منها غير المترفين ؟والجواب من وجهين:
الأول: أن غير المترفين تبع لهم ،وإنما خص بالذكر المترفين الذين هم سادتهم وكبراؤهم لأن غيرهم تبع لهم كما قال تعالى:{وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا} وكقوله{إذ تبرأ الذين اتُبعوا من الذين اتَبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب} الآية ،وقوله:{حتى إذا ادّاركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولادهم ربنا هؤلاء أضلونا} الآية ،وقوله تعالى{وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء} الآية .
وقوله:{وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار} ،إلى غير ذلك من الآيات .
الوجه الثاني: أن بعضهم من عصى الله وبغى وطغي ولم ينههم الآخرون فإن الهلاك يعم الجميع كما قال تعالى:{واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} ثم استشهد بحديث زينب المتقدم .
وأخرج الطبري بسنده الجيد من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله:{أمرنا مترفيها} يقول: سلطنا أشرارها فعصوا فيها ،فإذا فعلوا ذلك أهلكتهم بالعذاب ،وهو قوله{وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها} .
وأخرج آدم بن أبي إياس والطبري بالإسناد الصحيح عن مجاهد:{أمرنا مترفيها} بعثنا .
وأخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن معمر عن قتادة بلفظ: أكثرنا .
وأخرج البخاري بسنده عن ابن مسعود قال:"كنا نقول للحي إذا كثروا في الجاهلية: أُمِرَ بنو فلان .
( الصحيح ح4711-التفسير ،ب{وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها} .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله:{وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول} يقول: أكثرنا مترفيها: أي جبابرتها ،ففسقوا فيها وعملوا بمعصية الله{فدمرناها تدميرا} وكان يقال: إذا أراد الله بقوم صلاحا ،بعث عليهم مصلحا ،وإذا أراد بهم فسادا بعث عليهم مفسدا ،وإذا أراد أن يهلكها أكثر مترفيها .