قوله تعالى{وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا}
قال الشيخ الشنقيطي: وما دلت عليه هذه الآية الكريمة أوضحته آيات أخر من عدة جهات:
الأولى: أن في الآية تهديدا لكفار مكة ،وتخويفا لهم من أن ينزل بهم .ما نزل بغيرهم من الأمم التي كذبت رسلها أي أهلكنا قرونا كثيرة من بعد نوح بسبب تكذيبهم الرسل ،فلا تكذبوا رسولنا لئلا نفعل بكم مثل ما فعلنا بهم ،والآيات التي أوضحت هذا المعنى كثيرة كقوله في قوم لوط{وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون} ،وكقوله فيهم أيضا{إن في ذلك لآيات للمتوسمين وإنها لبسبيل مقيم} .
الجهة الثانية: أن هذه القرون تعرضت لبيانها آيات أخر فبينت كيفية إهلاك قوم نوح ،وقوم هود ،وقوم صالح ،وقوم لوط ،وقوم شعيب ،وفرعون وقومه من قوم موسى ،وذلك مذكور في مواقع متعددة معلومة من كتاب الله تعالى ،وبين أن تلك القرون كثيرة في قوله:{وعادا وثمودا وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا} .
الجهة الثالثة: أن قوله{وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا} فيه أعظم زجر عن ارتكاب ما لا يرضي الله تعالى ،والآيات موضحة لذلك كثيرة جدا كقوله:{ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} وقوله:{ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون ،إنه عليم بذات الصدور} وقوله:{واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه} الآية .