قوله تعالى{ذرية من حملنا مع نوح}
قال الشيخ الشنقيطي: ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة من حملهم مع نوحا تنبيها على النعمة التي نجاهم بها من الغرق ليكون في ذلك تهييج لذرياتهم على طاعة الله ،أي يا ذرية من حملنا مع نوح فنجيناهم من الغرق ،تشبهو بأبيكم فاشكروا نعمنا وأشار إلى هذا المعنى في قوله:{أولئك من الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح} الآية ،وبين الله في موضع أخر الذين حملهم مع نوح من هم ؟وبين الشيء الذي حملهم فيه وبين من بقي له نسل وعقب منهم ومن انقطع لم يبق منه نسل ولا عقب فبين أن الذين حملهم مع نوح: هم أهله ومن آمن معه من قومه في قوله:{قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن} ،وبين أن الذين آمنوا من قومه قليل بقوله{وما آمن معه إلا قليل} وبين ممن سبق عليه القول من أهله بالشقاء امرأته وابنه قال في امرأته:{وضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح} إلى قوله{وقيل ادخلا النار مع الداخلين} وقال في ابنه{وحال بينهما الموج فكان من المغرقين} .
قال الطبري: حدثنا ابن عبد الأعلى قال: ثنا محمد بن ثور ،عن معمر قال: قال مجاهد: بنوه ونساؤهم ونوح ولم تكن امرأته .
ورجاله ثقات ،وإسناده صحيح .
قوله تعالى{إنه كان عبدا شكورا}
الضمير يعود إلى نوح بدليل ما رواه البخاري بسنده عن أبي هريرة مرفوعا: وفيه أن الناس يأتون نوح فيقولون: يا نوح ،أنت أول الرسل إلى أهل الأرض وقد سماك الله عبدا شكورا .
( صحيح البخاري-التفسير سورة بني إسرائيل رقم4712 ) .
وقد وردت بعض الروايات في السبب الذي سماه الله تعالى من أجله شكورا ،فأخرج الطبري والحاكم من طريق سفيان الثوري عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن سلمان قال: كان نوح إذا لبس ثوبا أو أكل طعاما حمد الله فسمي عبدا شكورا .
وصححه الحاكم ،ووافقه الذهبي ( المستدرك2/630 ) وأخرجه الطبري أيضا من طريق أيوب عن أبي عثمان النهدي به نحوه ،وبنحوه أخرجه بأسانيده عن مجاهد وقتادة ،وأخرجه أيضا عبد الرزاق بسنده الصحيح عن معمر عن قتادة .