عبد شكور
{ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ} وهم الجيل الثاني للبشرية ،الذين باركهم الله وأنقذهم من الطوفان ،لأنهم آمنوا برسالة نوح وأخلصوا لله ،وتمردوا على قومهم ،ليبدأوا المسيرة الجديدة على أساس الإيمان بالله والسير على هداه ،ولتتبعهم ذريتهم في ذلك ،من خلال وحي الله ورسالته ...وهكذا كان هذا الجيل الذي عاش مع موسى من قومه ،من ذرية أولئك الذين أراد الله هدايتهم بوحيه مع موسى ،كما أراد الله هداية أولئك بنوح( ع ){إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُوراً} فهو أخلص لله العبودية ،التي تمثلت في هذا الثبات على الموقف ،والاستمرار في مواجهة الصراع مع القوى الكافرة في هذا الزمن الطويل الذي شارف على الألف سنة من دون تأفف أو تذمّر ،حتى استنفد كل الوسائل التي يملكها في حركة الدعوة ،ليرضى الله عنه في ذلك ،وليؤكد له عبوديته الخالصة في كل المواقف والمواقع .وهذا هو المظهر الحيّ للشكر الذي تؤكد الرسالات عليه ،من خلال الارتباط بالله والسير على مرضاته ،لأن الله يريد للناس أن يشكروه بالطاعة ،باستعمال ما أنعم به عليهم مما يخدم الحياة والإنسان ،لا بالكلمة المجرَّدة والعاطفة الساذجة .