قوله تعالى{إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين} .
قال البخاري: حدثنا أبو اليمان ،أخبرنا شعيب ،عن الزهري قال: أخبرني سعيد بن المسيب عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة ؛فقال: أي عمّ ؛قل لا إله إلا الله كلمة أحاجّ لك بها عند الله .فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: أترغب عن ملة عبد المطلب !فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويُعيدانه بتلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم: على ملة عبد المطلب ،وأبى أن يقول لا إله إلا الله .قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأستغفرن لك ما لم أنه عنك .فأنزل الله{ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} ،وأنزل الله في أبي طالب ؛فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم{إنك لا تهدي من أحببت ،ولكن الله يهدي من يشاء} .( صحيح البخاري 8/ 365- ك التفسير- سورة القصص ح 4772 ) ،( صحيح مسلم 1/ 54- ك الإيمان ،ب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت ح 24 ) .
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله{وهو أعلم بالمهتدين} قال: بمن قدر له الهدى والضلالة .
قال الشيخ الشنقيطي: ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن نبيه صلى الله عليه وسلم لا يهدي من أحب هدايته ؛ولكنه جل وعلا هو الذي يهدي من يشاء هداه ،وهو أعلم بالمهتدين .وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية جاء موضحا في آيات كثيرة كقوله{إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل} الآية ،وقوله{ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم} .