قوله تعالى:{إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَآءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} .
ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة أن نبيّه صلى الله عليه وسلم لا يهدي من أحبّ هدايته ؛ولكنه جلَّ وعلا هو الذي يهدي من يشاء هداه ؛وهو أعلم بالمهتدين .
وهذا المعنى الذي دلّت عليه هذه الآية جاء موضحًا في آيات كثيرة ؛كقوله تعالى:{إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى مَن يُضِلُّ} [ النحل: 37] الآية ،وقوله:{وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهّرَ قُلُوبَهُمْ} [ المائدة: 41] ،إلى غير ذلك من الآيات ،كما تقدّم إيضاحه .
وقوله:{وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} جاء معناه موضحًا في آيات كثيرة ؛كقوله:{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى} [ النجم: 30] ،وقوله تعالى:{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [ الأنعام: 117] .والآيات بمثل ذلك كثيرة .وقد أوضحنا سابقًا أن الهدى المنفي عنه صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى هنا:{إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ} هو هدى التوفيق ؛لأن التوفيق بيد اللَّه وحده ،وأن الهدى المثبت له صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى:{وَإِنَّكَ لَتَهْدِى إِلَى صِراطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [ الشورى: 52] ،هو هدى الدلالة على الحق والإرشاد إليه ،ونزول قوله تعالى:{إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ} ،في أبي طالب مشهور معروف .