قوله تعالى: ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك و إن لم تفعل فما بلغت رسالته )
قال الشيخ الشنقيطي:قوله تعالى ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك )الآية . أمر تعالى في هذه الآية نبيه صلى الله عليه وسلم بتبليغ ما أنزل إليه ، وشهد له بالامتثال في آيات متعددة ، كقوله:( اليوم أكملت لكم دينكم )وقوله:( وما على الرسول إلا البلاغ ) ،وقوله:( فتول عنهم فما أنت بملوم )ولو كان يمكن أن يكتم شيئا لكتم قوله تعالى ( وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ) ،فمن زعم أنه صلى الله عليه وسلم ،كتم حرفا مما أنزل عليه ، فقد أعظم الافتراء على الله ،وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم .
قال البخاري: حدثنا محمد بن يوسف ،حدثنا سفيان عن إسماعيل عن الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت: من حدثك أن محمدا صلى الله عليه وسلم كتم شيئا مما أنزل عليه فقد كذب ،والله يقول ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ) الآية
( صحيح البخاري 8/124ح4612 - ك التفسير - سورة المائدة ،ب الآية ) ،وأخرجه مسلم في ( الصحيح 1/159ح177 مطولا - ك الإيمان ،ب معنى قوله تعالى ( ولقد رآه نزلة أخرى )) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ) ،يعني إن كتمت آية مما أنزل عليك من ربك ،لم تبلغ رسالاتي .
قوله تعالى ( والله يعصمك من الناس )
قال مسلم: حدثنا عبد بن حميد ،أخبرنا عبد الرزاق ،أخبرنا معمر عن الزهري ،عن أبي سلمة ،عن جابر .ح وحدثني أبو عمران ،محمد بن جعفر بن زياد ( واللفظ له ) .أخبرنا إبراهيم ( يعني ابن سعد ) عن الزهري ،عن سنان بن أبي سنان الدؤلي ،عن جابر بن عبد الله قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة قبل نجد ،فأدركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في واد كثير العضاه ،فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة فعلق سيفه بغصن من أغصانها ،قال: وتفرق الناس في الوادي يستظلون بالشجر ،قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن رجلا أتاني وأنا نائم فأخذ السيف فاستيقظت وهو قائم على رأسي فلم أشعر إلا والسيف صلتا في يده ،فقال لي: من يمنعك مني ؟قال: قلت: "الله ".ثم قال في الثانية: من يمنعك مني ؟.قال: قلت:"الله ".قال:"فشام السيف ،فها هو ذا جالس"ثم لم يعرض له رسول الله صلى الله عليه وسلم .
( صحيح مسلم 4/1786ح843 – ك الفضائل ،ب توكله على الله تعالى ،وعصمة الله تعالى له من الناس ) ،وأخرجه البخاري في ( الصحيح 6/96ح2910 – ك الجهاد ،ب من علق سيفه بالشجر )
قال البخاري: حدثنا إسماعيل بن خليل ،أخبرنا علي بن مسهر ،أخبرنا يحيى ابن سعيد ،أخبرنا عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم سهر ،فلما قدم المدينة قال:"ليت رجلا من أصحابي صالحا يحرسني الليلة ".إذ سمعنا صوت سلاح ،فقال:"من هذا ؟ "فقال: أنا سعد بن أبي وقاص جئت لأحرسك .فنام النبي صلى الله عليه وسلم .
( الصحيح 6/95ح2885 - ك الجهاد والسير ،ب الحراسة في الغزو في سبيل الله ) ،وأخرجه مسلم ( الصحيح 4/1875ح2410-ك فضائل الصحابة ،ب في فضل سعد بن أبي وقاص ) .
قال أحمد .ثنا محمد بن جعفر قال: ثنا شعبة قال: سمعت أبا إسرائيل قال: سمعت جعدة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم - ورأى رجلا سمينا فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يومئ إلى بطنه بيد .ويقول:"لو كان هذا في غير هذا لكان خيرا لك ".قال: وأتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل فقالوا: هذا أراد أن يقتلك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"لم ترع لم ترع ولو أردت ذلك لم يسلطك الله علي ".
( المسند 3/471 ) ،وأخرجه الطبراني في ( الكبير 2/319 ح 2183) من طريق على بن الجعد ،عن شعبة به مختصرا ،قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح ،غير أبي إسرائيل الجشمي ،وهو ثقة ( مجمع الزوائد 8/227 ) .وصحح إسناده الحافظ ابن حجر .( تهذيب التهذيب 2/81) .
قال الحافظ ابن حجر: أخرج ابن أبي شيبة من طريق محمد بن عمرو عن أبي مسلمة عن آبي هريرة قال: كنا إذا نزلنا طلبنا للنبي صلى الله عليه وسلم أعظم شجرة وأظلها ،فنزل تحت شجرة فجاء رجل فأخذ سيفه فقال: يا محمد من يمنعك مني ؟قال:"الله ".فأنزل الله ( والله يعصمك من الناس ) .
وهذا إسناد حسن ( الفتح 6/98) .
قال الترمذي: حدثنا عبد بن حميد ،حدثنا مسلم بن إبراهيم ،حدثنا الحارث ابن عبيد عن سعيد الجريري عن عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت هذه الآية ( والله يعصمك من الناس ) فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من القبة ،فقال لهم:"يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله ".
حدثنا نصر بن علي حدثنا مسلم بن إبراهيم بهذا الإسناد نحوه .
( السنن 5 / 251ح 3046 - ك التفسير ،ب ومن سورة المائدة ) وقال: غريب ،وأخرجه الطبري ( التفسير 10/469ح12276 ) عن المثنى ،وابن أبي حاتم ( التفسير - سورة المائدة آية 67 - ح 357) عن إبراهيم بن مرزوق البصري ،والحاكم ( المستدرك 2/313) من طريق محمد بن عيسى القاضي ،كلهم عن مسلم ابن إبراهيم به .قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ،ووافقه الذهبي .وقال الحافظ بن حجر: إسناده حسن ( فتح الباري2/82) وقال الألباني: حسن ( صحيح الترمذي ح 2440 ) .وذكر ابن كثير لهذا الحديث شواهد عن أبي سعيد ،وعصمة بن مالك وغيرهما ( التفسير2/125-126 ) .