عصمه الله: حفِظه ووقاه ومنعه من السوء .
يا أيها الرسول ،بلّغْ الناس جميعاً بكل ما أوحي الله إليك ،ولا تخشَ في ذلك أحداً ولا تخفْ مكروهاً ،فإن لم تقم بالتبليغ تكن قد خالفت أمر ربك .إن الله يحفظك من مكائد الناس ويمنعك من أذاهم وفتكهم .
وهذه الآية مكيَّة نزلت في مكة ،ولكنها وضعت في السورة المدنية لحكمة دوام التبليغ .فقد روى الترمذي وأبو الشيخ والحاكم وأبو نعيم والبيهقي عن عدد من الصحابة .«أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يُحرَس في مكة قبل نزول هذه الآية ،وكان العبّاس ممن يحرسه ،فلمّا نزلت ترك رسول الله الحرس » .
وروي أن أبا طالب كان يبعث مع رسول الله من يحرسه إذا خرج حتى نزل قوله تعالى{والله يَعْصِمُكَ مِنَ الناس} فذهب ليبعث معه ،فقال الرسول: يا عم ،إن الله حفظني ،لا حاجةَ بي إلى من تبعث » .
وقد صدَعَ رسولُ الله عليه الصلاة والسلام بالأمر وبلّغ الرسالة جميعها ،وبيّن للناس كلّ شيء ولم يخصَّ أحداً بشيء من علم الدّين ،فلا مجال لرأي بعض الفرق الإسلامية بصدد ذلك .
قال ابن أبي حاتم أن هارون بن عنترة الشيباني أخبره أن أباه قال: كنت عند ابن عباس ،فجاء رجل فقال له: إن ناساً يأتوننا فيخبروننا أن عندكم شيئاً لم يُبدِه رسولُ الله للناس .فقال ابن عباس: ألم تعلم أن الله تعالى قال{يا أيها الرسول بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ} واللهِ ما ورّثنا رسولُ الله سوداء في بيضاء .
وفي صحيح البخاري عن أبي جحيفة قال: قلت لعليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: هل عندكم شيء من الوحي مما ليس في القرآن ؟فقال: لا والذي فَلَق الحبّة وبَرأَ النَّسمة ،إلاّ فَهْماً يعطيه الله رجلاً في القرآن وما في هذه الصحيفة .قلت: وما في هذه الصحيفة ؟قال: العَقْلُ ،وفكاكُ الأسير ،وأن لا يقتَل مُسلم بكافر .
هذا كما ثبت في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله قال في خطبة الوداع «أيها الناس ،إنكم مسئولون عَنّي ،فما أنتم قائلون ؟قالوا نشهد أنك قد بلّغت وأدّيت ونصحت .فجعل يرفع أصبعه إلى السماء وينكسها إليهم ويقول: اللهم هل بلّغت » .
{إِنَّ الله لاَ يَهْدِي القوم الكافرين} ،إن الله تعالى لا يهدي الكافرين الذي هم بصدد إيذائك يا محمد ،بل سيظلون خائبين ،وتتم كلماتُ الله تعالى حتى يكمُل بها الدين .
قراءات:
قرأ نافع وابن عامر وأبو بكر «رسالاته » بالجمع ،والباقون «رسالته » .