إقامة التوراة والإنجيل: العملُ بما فيهما على أتمّ الوجوه .
لأكَلوا من فوقِهم ومن تحت أرجُلهم: أي لوسَّع الله عليهم موارد الرزق .مقتصدة: معتدلة في أمر الدين .
لو أنهم عملوا بالتوراة والإنجيل ،وحفظوهما من التحريف ،وآمنوا بما أَنزل إليهم ربهم ،وهو القرآن الكريم ،لأعطتهم السماءُ مطرها وبركتها ،والأرضُ نباتها وخيراتها ،وهذا معنى: لأكلوا من فوقِهم ومن تحتِ أرجلهم .وكما قال تعالى{لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ السمآء والأرض} [ الأعراف: 95]
ثم بيّن الله تعالى أنهم ليسوا سواءً في أفعالهم وأقوالهم ،فهناك فيهم جماعة معتدلة في أمر دينها ،وهم الذين آمنوا بمحمّد والقرآن .بيد أن الكثير من جمهورهم متعصّبون مغرورون ساء ما يعملون .
أخرج الإمام أحمد وابنُ ماجة عن زياد بن لبيد ،وهو أحد الصحابة الكرام ممن شهد بدراً قال: «ذكر النبيُّ صلى الله عليه وسلم شيئاً ،فقال: وذلك عند ذهاب العِلم .قلنا: يا رسول الله: وكيف يذهب العِلم نحن نقرأ القرآن ونُقرئه أبناءنا ويقرئه أبناؤنا أبناءهم إلى يوم القيامة ؟قال: ثكلتْك أمك يا ابن أُم لبيد ،إن كنتُ لأراك من أفقهِ رجل في المدينة ،أو ليس هذه اليهود والنصارى يقرأون التوراة والإنجيل ولا ينتفعون مما فيهما بشيء » .
ومغزى هذا أن العبرة في الأديان هو العمل بها ،فإذا لم نعمل نحن بالقرآن الكريم ،بل اكتفينا بلوْك الألسن فقط ،فإن مصيرنا معروف نسأله تعالى أن يلهمنا الصواب .