قوله تعالى:{لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ،فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم}
قال الشيخ الشنقيطي: هذه الآية الكريمة تدل على أن بعث هذا الرسول الذي هو من أنفسنا الذي هو متصف بهذه الصفات المشعرة بغاية الكمال ،وغاية شفقته علينا هو أعظم منن الله تعالى ،وأجزل نعمة علينا ،وقد بين ذلك في موضع آخر ؛كقوله تعالى{لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم} الآية .وقوله:{ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار} .
قال البخاري: حدثنا محمد بن عبيد الله أبو ثابت ،حدثنا إبراهيم بن سعد ،عن ابن شهاب ،عن عبيد بن السباق ،عن زيد بن ثابت قال: بعث إلي أبو بكر لمقتل أهل اليمامة وعنده عمر ،فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن وإني أخشى أن يستحر القتل بقراء القرآن في المواطن كلها فيذهب قرآن كثير ،وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن .قلت: كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟فقال عمر: هو والله خير .فلم يزل عمر يراجعني في ذلك حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر عمر ورأيت في ذلك الذي رأى عمر قال زيد: قال أبو بكر: وإنك رجل شاب عاقل لا نتهمك ،قد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ،فتتبع القرآن فاجمعه .قال زيد: فو الله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان بأثقل علي مما كلفني من جمع القرآن .قلت: كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟قال أبو بكر: هو والله خير .فلم يزل يحث مراجعتي حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له صدر أبي بكر وعمر ،ورأيت في ذلك الذي رأيا ،فتتبعت القرآن أجمعه من العسب والرقاع واللخاف وصدور الرجال فوجدت آخر سورة التوبة{لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخرها مع خزيمة – أو أبي خزيمة – فألحقتها في سورتها .وكانت الصحف عند أبي بكر حياته حتى توفاه الله عز وجل ،ثم عند عمر حياته حتى توفاه الله ،ثم عند حفصة بنت عمر . قال محمد بن عبيد الله:اللخاف يعني الخزف
[ الصحيح 13/195 ح 7191 – ك الأحكام ،ب يستحب للكاتب أن يكون أمينا عاقلا] .
قال البخاري: حدثنا عبد السلام بن مطهر قال: حدثنا عمر بن علي ،عن معن بن محمد الغفاري ،عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ،عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الدين يسر ،ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ،فسددوا ،وقاربوا ،وأبشروا ،واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة ) .
[ الصحيح 1/116 ح 39 – ك الإيمان ،ب الدين يسر ...] .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله:{لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم} قال: جعله الله من أنفسهم ،فلا يحسدونه على ما أعطاه الله من النبوة والكرامة .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله:{عزيز عليه ما عنتم} قال: ما ضللتم .
قوله تعالى:{حريص عليكم}
قال مسلم: وحدثنا قتيبة بن سعيد ،حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن القرشي ،عن أبي الزناد ،عن الأعرج ،عن أبي هريرة ،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنما مثلى ومثل أمتي كمثل رجل استوقد نارا ،فجعلت الدواب والفراش يقعن فيه ،فأنا آخذ بحجزكم وأنتم تقحمون فيه ) .
[ الصحيح 4/1789 ح 2284 – ك الفضائل ،ب شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته] ،وأخرجه البخاري [ الصحيح ح 6483 – ك الرقاق ،ب الانتهاء عن المعاصي] .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة:{حريص عليكم} حريص على ضالهم أن يهديه الله .