قوله تعالى:{لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم 128 فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو توكلت وهو رب العرش العظيم} .
يخاطب الله في الآية العرب ممتنا عليهم بإرساله إليهم رسوله العظيم محمدا صلى الله عليه وسلم ؛فهو من أنفسهم ؛أي من جنسهم ومن نسبهم .وهو عربي مثلهم بل هو من خيرهم نسبا وأشرفهم محتدا{[1931]} .وفي ذلك أخرج البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا ،حتى كنت من القرن الذي كنت فيه ) .وأخرج مسلم عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( عن الله تعالى اصطفى من واد إبراهيم إسماعيل ،واصطفى من لود إسماعيل بني كنانة ،واصطفى من بني كنانة قريشا ،واصطفى من قريش بني هاشم ،واصطفاني من بني هاشم ) .
قوله:{عزيز عليه ما عنتم}{عزيز} ،صفة لرسول{ما} مصدرية ،أو بمعنى الذي ،وعلى كلا التقديرين فهي فاعل بعزيز .والتقدير: يعز عليه عنتكم ،أو الذي عنتموه ؛أي: عنتهم يسيئه{[1932]} .وعلى هذا فمعنى الآية: أنه صعب عليه وشاق عنتكم ،أو ما يلحقكم من عنت وهو المكروه والعذاب والضيق الذي تجدون منه العناء والشقاء في حياتكم .
قوله:{حريص عليكم} أي حريص على إيمانكم وهداكم وصلاح حالكم في الدنيا والآخرة .
قوله:{بالمؤمنين رؤوف رحيم} أي ان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الرحمة والشفقة عليكم ،وهو عظيم الرأفة بكم ،يحرص على إيصال الخير والتوفيق والإحسان إليكم ،لتكونوا كرماء سعداء في دينكم ودنياكم .