وقوله: ( الرحمن الرحيم( صفتان لله تحملان الثناء والتعظيم لله رب العالمين .
والله عز وعلا موصوف بالرحمة البالغة بالخلق ،وقد تقدم الكلام عن معنى الرحمة .
ذلك أن الله عظيم الرحمة بالعباد على الكيفية التي ليس لها في درجات الرحمة نظير ،وكذلك الرحيم صفة لله أخرى ،وكلتا الصفتين تنبضان بكامل الرحمة ،إذ تفيض على الوجود من خالق الوجود ،فما يكون من شيء في الأرض أو في السماء إلا جاء في خلقه وطبيعته من خالق الوجود ،فما يكون من شيء في الأرض أو في السماء إلا جاء في خلقه وطبيعته مكتملا ،موزونا ،لا يخالطه عوج ،ولا يمسه في وجوده من الله ظلم ،وفوق ذلك كله فإن رحائم الله بالعباد لا تحصى ،بل إنها تتجاوز في كثرتها وعظمتها كل حسبان ،وفي طليعة المعاني الكريمة من رحمة الله سبحانه وتعالى غفار للذنوب ،يتجاوز عن معاصي الخلق مهما كثرت وعظمت ،والإنسان من جهته كثير الزلات والمساءات ،مستديم العدوان على حدود الله ،ولا يبرح المعاصي والأخطاء ،لضعفه ولفرط انشداده للشهوات ونفسه الأمارة بالسوء ،لكن الله عز وعلا غفار لكل ما يفارقه الإنسان في حياته من الآثام إن استغفر وأناب أو ندم وتاب ما اجتنبت الخطيئة الكبرى وهي الإشراك بالله .