{الرحمن الرحيم}: الرحمن صفة ذاتية هي مبدأ الرحمة ،الرحيم بصفاته فعل تدل على وصول الرحمة والإحسان وتعديهما إلى المنعم عليه .
ونلاحظ أن الرحمن لم تذكر في القرآن إلا مجرى عليها الصفات ،كما هو شأن أسماء الذات .
قال تعالى: الرحمن علم القرآن .،. الرحمن على العرش استوى .أما الرحيم فقد كثر استعمالها وصفا فعليا ،وجاءت بأسلوب التعدية والتعلق بالمنعم عليه ،قال تعالى: إن الله بالناس لرءوف رحيم .و .وكان بالمؤمنين رحيما .و .وهو الغفور الرحيم .كما جاءت الرحمة كثيرا على هذا الأسلوب .ورحمتي وسعت كل شيء ،ينشر لكم ربكم من رحمته .
فالرحمن اسم يدل على قيام الرحمة بذاته سبحانه ،والرحيم صفة تدل على وصول هذه الرحمة للعباد .
تقول فلان غني بمعنى أنه يملك المال ،وفلان كريم بمعنى أنه ينقل المال إلى الآخرين .
ورحمة الله لا حد لها ،فهو الذي خلقهم وأوجدهم وسخر لهم الكون كله وأمدهم بنعمه التي لا تعد ولا تحصى ،ثم هو يفتح بابه للتائبين ويعطي السائلين ،ويجيب دعاء الداعين .قال تعالى:{وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون} . ( البقرة: 186 ) .
وإن واجبنا أن نغرس في أبنائنا محبة الله ،وأن نعودهم على عبادته حبا له ،واعترافا بفضله وإحسانه ،وذلك هو منهج الإسلام ،فإن الرب في الإسلام لا يطارد عباده مطاردة الخصوم والأعداء ،كآلهة الأولمب في نزواتها وثوراتها ،كما تصورها أساطير الإغريق ،ولا يدبر لهم المكائد الانتقامية كما تزعم الأساطير المزورة في العهد القديم ،كالذي جاء في أسطورة برج بابل في الإصحاح الحادي عشر من سفر التكوين .
فالله في الإسلام رحمن رحيم ،ليس مولعا بالانتقام والتعذيب .وإن بعض الناس يحلو لهم أن يصوروا الإله منتقما جبارا لا هم له إلا تعذيب الناس وإلقائهم في نار جهنم ،وهي نغمة نابية عن روح الإسلام ،غريبة عن نصوصه وتشريعاته السمحة قال تعالى:{يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} . ( البقرة: 185 ) .