قوله:{وهي تجري بهم في موج كالجبال} الموج: ما علا من سطح الماء وتتابع ،وجمعه أمواج ،وواحد الموج: الموجة{[2097]} ،وقد شبه الموج بالجبال لعظمتها وتراكمها وارتفاعها عن سطح الماء ؛فقد ركب نوح والذين معه السفينة مسمين باسم الله وهي تجري بهم فوق المياه المائجة الزاجرة التي تضطرب فيها الأمواج وتنداح{[2098]} .فقد مضوا متمثلين أمر الله ومستسلمين لجلاله وهم تحف بهم من الله الكلاءة والرعاية والرحمة ،حتى تحقق في العالمين ما كتبه الله للخليقة في الأزل من المقادير .
قوله:{ونادى نوح ابنه وكان في معزل} كان ابن نوح كافرا ،وبذلك سوف يصير إلى الغرق مع الهالكين ،فحملت نوحا شفقة الأبوة على مناداته ليركب في السفينة فينجو بنفسه من الغرق{وكان في معزل} أي في منحى .انعزل عن الناس إذا تنحى عنهم جانبا .وفلان بمعزل عن الحق ،أي مجانب{[2099]} له أي كان عند نداء أبيه قد عزل نفسه عن وقومه فتنحى عنهم جانبا فناداه أبوه{يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين} دعا نوح ابنه –وقيل اسمه كنعان- أن يؤمن برسالة التوحيد مع المؤمنين في السفينة فينجو بنفسه من الغرق المنتظر الذي سيأتي على الكافرين جميعا .لكن ابنه كان ظالما لنفسه فأبي إلا الهلاك والخسران