{ وهي تجري بهم في موج كالجبال} هذا تصوير لحالها في جريها بهم كأنها حاضرة أمام القارئ أو السامع ، أي تجري في أثناء موج يشبه الجبال في علوه وارتفاعه وامتداده ، وهو ما يحدث في ظاهر البحر عند اضطرابه من التموج والارتفاع بفعل الرياح ، واحده موجة وجمعه أمواج:وأصل الموج الاضطراب ومنه{ وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض} [ الكهف:99] ومن عرف ما يحدث في البحار العظيمة من الأمواج عندما تهيجها الرياح الشديدة ، رأى أن المبالغة في هذا التشبيه غير بعيدة ، وصف لي بعضهم سفره في المحيط الهندي في زمن رياح الصيف التي يسمونها الموسمية بما معناه:كنت أرى السفينة تهبط بنا في غور عميق ، كواد سحيق ، نرى البحر من جانبيه كجبلين عظيمين يكادان يطبقان عليهما ، فإذا بها قد اندفعت إلى أعلى الموج كأنها في شاهق جبل تريد أن تنقض منه ، والملاحون يربطون أنفسهم بالحبال على ظهرها وجوانبها ، لئلا يجرفهم ما يفيض من الموج عليها ، وراجع وصف البحر في تفسير قوله تعالى:{ هو الذي يسيركم في البر والبحر} [ يونس:22] .
{ ونادى نوح ابنه} عند الركوب في السفينة وقبل جريانها ولم يسبق له ذكر وسيأتي بقية خبره في آخر القصة{ وكان في معزل} أي مكان عزلة وانفراد دون أهله الذين ركبوا فيها ودون الكفار{ يا بني اركب معنا} أي مع والدك وأهلك الناجين{ ولا تكن مع الكافرين} المقضي عليهم بالهلاك .
/خ49