{ وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها} يقال ركب الدابة والسفينة وركب على الدابة لأنه يعلوها ، وفي السفينة لأنه يكون مظروفا فيها وإن جلس على ظهرها وهو المستعمل في القرآن ، قرأ بعض أئمة القراء [ مجراها] بفتح الميم بإمالة الراء وتركها وهو مصدر ميمي لجرت السفينة تجري موافق لقوله الآتي [ وهي تجري بهم] وقرأها الآخرون بضم الميم وهو مصدر ميمي لأجرى على إرادة إجراء الله تعالى لها .وقرؤوا كلهم [ مرساها] بضم الميم بمعنى أن الله تعالى هو الذي سيرسيها ، ورسو السفينة وقوفها ، والمجرى والمرسى يجيئان اسمي زمان ومكان أيضا .وهذه الجملة يحتمل أن يكون قالها نوح عليه السلام عند أمرهم بركوب السفينة معه امتثالا لأمر الله تعالى في الآية قبلها فتكون بشارة لهم بحفظه تعالى لها ولهم ، أي باسم لله جريانها وإرساؤها فهو الذي يتولى ذلك بحوله وقوته ، وحفظه وعنايته ، ويحتمل أن يكون أمرهم بأن يقولوها كما يقولها على تقدير:اركبوا فيها قائلين باسم الله ، أي بتسخيره وقدرته مجراها حين تجري أو حين يجريها ، ومرساها حين يرسيها ، لا بحولنا ولا قوتنا .
{ إن ربي لغفور رحيم} أي إنه لواسع المغفرة لعباده حيث لم يهلكهم جميعهم بذنوبهم وتقصيرهم ، وإنما يهلك الكافرين الظالمين وحدهم ، رحيم بهم بما سخر لهم هذه السفينة لنجاة بقية الإنسان والحيوان من هذا الطوفان الذي اقتضته مشيئته ، أخرج أبو يعلى والطبراني وابن السني وغيرهم عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا:باسم الله الملك الرحمن ){ باسم الله مجراها} -{ وما قدروا الله حق قدره} والظاهر أن المراد بالآية الثانية آية سورة الزمر [ 39:67] والله أعلم .
/خ49